ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الديانات التي قد لا يعرفها الكثيرين مثل ديانة "الراستافارية"، والتي أصدر بحقها قاضٍ في كينيا حكما باعتبارها ديانة تعامل مثل باقي الأديان.
يأتي ذلك الحكم في أعقاب معركة قضائية أعقبت قيام مدرسة ثانوية بطرد فتاة عمرها 15 عاما لأنها تمشط شعرها على شكل ضفائر، بحسب "بي بي سي عربية".
وفي يناير الماضي، طردت المدرسة الأولمبية الثانوية في العاصمة نيروبي الفتاة بسبب الضفائر، حيث بررت إدارة المدرسة قرارها بأن الضفائر تتعارض مع السياسة الرسمية للمدرسة في ما يتعلق بالزي والمظهر.
واعتبر القاضي في المحكمة العليا الكينية، شاشا مويتا، أن إجراء المدرسة غير دستوري لأن الضفائر جزء من ديانة الفتاة التي تعتنق الراستافارية، مضيفا: "للفتاة حقا دستوريا في التعليم الأساسي، والإبقاء على الضفائر جزء من ديانتها، ومن الخطأ إجبارها على حلق شعرها لتعارض ذلك مع ديانتها".
وكان والد الفتاة رفع دعوى قضائية ضد المدرسة عقب طردها، مشيرا إلى أن أسرته تعتنق الديانة الرستافاريانية، لتعود الفتاة إلى المدرسة محتفظة بضفائرها مع الالتزام بوضع غطاء للرأس.
يذكر أن الدستور الكيني ينص على حرية العقيدة، ولكن ما هي الرستافاريانية التي أثارت تلك القضية ؟
تاريخ الديانة الراستافارية
يعود تاريخ الراستافارية إلى عام 1930 عندما توج إمبراطور إثيوبيا السابق هيلا سيلاسي، ونبوءة أطلقها ناشط حقوق السود في جامايكا، ماركوس غارفي، قبل ذلك بعقد كامل، والذي قال لأتباعه عام 1920 إن عليهم "التطلع لأفريقيا عندما يتوج بها ملك أسود حيث يصير يوم الخلاص في متناول اليد".
لذلك عندما توج رجل يدعى راس تافاري (هيلا سيلاسي اسمه في التعميد) في إثيوبيا اعتبر الكثيرون ذلك علامة على صدق النبوءة، وصار "سيلاسي" في جامايكا الإله مجسدا أو "جاه" (بديل المسيح) وصارت إثيوبيا أرض الميعاد.
باختصار كان ذلك إيذانا بمولد حركة الراستافاريين.
فهل آمن هيلا سيلاسي نفسه بها؟
وفي عام 1966، عندما زار هيلا سيلاسي جامايكا، لم يحاول معارضة تلك الحركة بل وقف يحيي الآلاف الذين كانوا يتحرقون شوقا لتلقي نظرة من "إلههم"، والذين آمنوا به، وبعد ذلك بثلاث سنوات بدأ الراستافاريون في الانتقال لإثيوبيا حيث منحهم إمبراطورها قطعة أرض، وقد وصل عددهم لاحقا إلى 300 شخص.
وبعد وفاة هيلا سيلاسي عام 1975 بعد عام من إطاحة ثورة ماركسية به وجد أتباعه أنفسهم أمام لغز ..ذلك أن الآلهة لا تموت، وقاموا بحل ذلك اللغز من خلال تفسير يقول إن الذي مات هو جسد هيلا سيلاسي الأرضي.
والغريب أن "جارفي" صاحب النبوءة التي تسببت في ظهور تلك الطائفة لم يؤمن أبدا بهيلا سيلاسي بل كان منتقدا له.
معتقدات وطقوس الديانة الراستافارية
يعتقد الرستافاريون أن الإمبراطور هيلاسيلاسي هو الإله الحي، وأن إثيوبيا هي الجنة وجامايكا هي الجحيم، وأن الإنسان الأبيض كائن أدنى من الأسود، وأن إمبراطور إثيوبيا الذي لا يقهر يعد لإعادة ذوي الأصول الإفريقية لإثيوبيا، كما يؤمنون أن السود سيحكمون العالم في المستقبل القريب.
مكان عبادة الراستافاريون
ليس لدى الراستافاريون بناء ديني محدد للعبادة، ولكنهم يلتقون عادة أسبوعيا في بيت أحدهم أو في مركز اجتماعي في جلسات يطلقون عليها جلسات التفكير، حيث يتبادلون الأحاديث ويصلون ويغنون ويناقشون قضاياهم، ولإضفاء أجواء روحانية وتأملية على تلك الجلسات، ربما يدخنون الماريغوانا.
ويستخدمون في جلساتهم موسيقى يطلق عليها نيبينجي، وعندما تهيمن الموسيقى على الجلسات يطلقون عليها جلسات النيبينجي.
ويعرف الراستافاريون بطريقة تمشيط الشعر الخاصة بهم حيث يطلقونه ثم يقومون بتضفيره، ويعتقدون لأن لذلك مسحة روحانية.
يهتم الراستافاريون بالنظافة الشخصية كثيرا، ويأكلون مواد غذائية طبيعية كالخضروات والفاكهة ويشربون كميات كبيرة من عصير الفواكه.
كما يأكلون الأسماك على ألا يزيد طول السمكة عن 12 بوصة، وهم يأكلون دون ملح، ويستخدمون زيت جوز الهند في الطهي، ولا يشربون الكحوليات أو الألبان أو القهوة، ولكنهم يشربون أي شيء عشبي نبت بشكل طبيعي مثل الشاي العشبي.
ويحتفلون بالكريسماس الإثيوبي في 7 يناير، ويوم التأسيس في 21 أبريل، وهو اليوم الذي زار فيه هيلا سيلاسي جامايكا عام 1966، ويوم الدستور الإثيوبي في 16 يولي عندما أصدر الإمبراطور هيلاسيلاسي أول دستور عام 1931 ، ويوم ميلاد الإمبراطور هيلا سيلاسي في 23 يوليو، ويوم ميلاد ماركوس غارفي في 17 أغسطس، ورأس السنة الإثيوبية في 11 سبتمبر، وعيد جلوس هيلا سيلاسي في 2 نوفمبر.
ورمز الراستافارية هو الأسد، ويرمز للإمبراطور هيلا سيلاسي.