من الامور المسلّم به في الحياة انها اخذ و عطاء , فهناك من يأخذ و هناك من يعطي و ليس بالضرورة ان يكون على الدوام , لان دوام الحال من المحال , و هناك من يأخذ و يعطي في نفس الوقت , الانسان خلقه الله و هو عاجز عن معرفة دقائق الامور و تفاصيل الاشياء , و ما اوتيتم من العلم إلا قليلاً . مع هذه القلة إلا ان التطور العلمي و التكنولوجي وصلت الى الذروة مقارنة مع السنوات القليلة الماضية و لا تزال الجهود و الابداعات تتواصل وتتدفق للمزيد و المزيد ....
الحياة مجموعة من الطرق التي تتجه باتجاهات مختلفة بين القصيرة و الطويلة , المستقيمة و المنحنية , المعبد و الوعرة . والانسان يسلك طريقاً منها ليصل الى مآربه و نتيجة لحرصه و شوقه الى تحقيق اهدافه , فأنه قد يسلك طريقاً خاطئاً او لا يناسب قدراته و مجهوداته حتى يمني بالفشل المحتوم فيصاب باليأس و الملل , لذا فان الله ارسل الرسل و انزل الكتب ومنح البعض قوة تفكير خارقة ليكونوا حكماء وعلماء ومفكرين لينير درب الانسان الى السعادة في الدنيا و الاخرة , و هذا يدلنا الى ان الانسان مهما بلغ من العلم و العمر ، فانه بحاجة الى الارشاد و النصيحة و التشاور .
ان التنبؤ بالاخطار و العواقب الوخيمة يدفع باصحاب الفكر و الرأي و القلم الصادق و القلب النابض بالحيوية و حب الانسانية و بناء الحضارات الى ان يقولوا و يكتبوا و يصرخوا باعلى الاصوات و ملئ الحناجر و باجمل الكلمات و احلى النغمات لينذروا ان الداء قد استفحل و الخطر في وشك الوقوع و الدمار في طريقه , و لكن حب البعض لنزواتهم و انشغالهم بمصالحهم قد اعمى الابصار و اصم الاذان لا يهمهم النداءات و لا يلقون لها بالاً او ادنى اهمية حتى و ان تبدأ الامور المنهية عنها بالكشف وتفعل فعلته و الداء المشخص بالانتشار كالمريض الذي راجع الطبيب و قد قدم له النصح اللازم و الدواء الجيد ، لكن المريض لم يأخذ بالنصح و الدواء ، لذا فأن الداء يبقى و يزداد ، فالطيب قام بواجبه و ادى مهمته و المريض في محنته و آلمه باقٍ يستمر .
ما اكثر المشاكل التي يعاني منها المجتمعات الانسانية على وجه البسيطة من الفقر و البطالة و الاحتكار و الارهاب و الحروب و الصراعات و الدمار و لا تزال تعلوا الاصوات التي تنادي بمعالجتها و مشاريع الحلول تقدم دون ان تغيير من الوضع إلا اليسير منها , فلا يكاد ان تكون هناك آذان صاغية و عقول نيرة تأخذ هذه الحلول بجدية .
المجتمع الكوردستاني ليس بمعزل عن المجتمع الانساني , فانه يعاني ما يعاني منه بدرجات و نسب متفاوتة و لكن بمناعة اقل و تأثير اكبر لأسباب منها صغر حجمه والتأثيرات الخارجية وموقعه الجغرافي , فالفساد و قلة الخدمات و التلاعب بالقوت و الاحتكار ... الخ مشاكل نعاني منها و باقرار القاصي و الداني , و الاصوات ترتفع من دور العبادة و الناشطين و الاعلام و المختصين بضرورة حلها إلا فان نارها ستأكل الاخضر و اليابس , و الادهى منها و الامر ان الجميع يقرّون بوجودها و تأثيرها السلبي إلا انها تحتاج الى ارادة و قيادة و قرار بالاصلاح .
لذا فنقول هل من سامع ؟ يعي بما يعانيه المجتمع من المعاناة و يفدي بنفسه من اجل انقاذه من المحن و المآسي لأنه شأن الجميع .
كل الانظار باتجاه الحكومة الجديدة التي طالت مدة ولادتها الطبيعية الى ولادة قيصرية , بأنها ستكون السامع و المعالج في نفس الوقت لطلبات الشارع الكوردستاني الذي نفذ صبره , فالايام القادمة كفيلة بالجواب على سؤالنا المطروح كعنوان للمقال .