لقد حاولت كثيراً الابتعاد قدر الامكان عن الكتابة في اوضاع شمال شرق سوريا لاسباب منها ان القلب يتألم و ينزف دماً و يحرق برؤية اثار الحرب و دمارها على شعب أعزل يطمح و يناضل من اجل ابسط مقومات الحياة فقد كُتب له في الاقدار ان يولد و يعيش في ظل الفرقة و التمزيق ، و بالتالي الضعف و الهوان ، و اخيراً فريسة سهلة لمصالح الدول و مؤامراتهم التي لارحمة فيها ، و السبب الثاني إن ما آلت اليه الاوضاع في كوردستان الغربية هي نتاج سياسة خاطئة و اصرار مدقع على تصرفات لا تأتي بثمار الخير لهم ، و لكنهم اولاً و أخيراً بشر و كورد و من قوميتنا و نحزن و نتأسف لما يتعرضون له رغم ما قدم لهم من نصائح و إرشاد من لدن الخيرين و اصحاب الرشد و التجارب وما اكثرهم و لكن العبرة بالاخذ و العمل به .
(نيجيرفان بارزاني) رئيس اقليم كوردستان ، وحفيد البارزاني الخالد ، وسليل العائلة البارزانية التي امسكت بزمام النضال ضمن الحركة التحررية الكوردية في كوردستان الجنوبية او جنوب كوردستان لأكثر من قرن ،و رئيس وزراء الاقليم كوردستان لسنوات ايضاً ، انه شخصية معروفة بالدبلوماسية و الاتزان و بُعد النظر و قوة الارادة و ادارة الازمات ، و بين هذا و ما قبله اندفعت و بشكل لا ارادي و كأن القلم يقول بأن الوقت حان لتظهر الحقائق و يداوي الجروح و يأخذ كل ذي حق حقه .
هكذا هي الحياة ، فانه كثيراً ما نسمع و نقرأ احاديث الانبياء و اقوال العظماء و العلماء في الازمنة الغابرة ،و كأنه قيل لزماننا و ايامنا و هذا يدل على مدى فهمهم لطبيعة الحياة و ما يدور في فلكها و بعد نظرهم و لكنهم القليل و القليل .
قبل سنوات و في احدى المناظرات التي شارك فيها السيد نيجيرفان بارزاني قد ادلى بدلوه عن غرب كوردستان (شمال شرق سوريا) و المشاكل التي يعانون منها و سبل معالجتها ، و لكنها لم تأخذ بمحمل الجد في حينه و لكن الايام ازال الستار عليه ، و كشف عن فراسته في تقيم الأمور و (الكلام مسجل على شريط فيديو منتشر على شبكات التواصل الاجتماعي) و من الامور التي تطرق اليها ، و التي كانت تمثل استراتيجية حكومة الاقليم في حينه منها :-
- ان حكومة الاقليم لا تتدخل في شؤون الاجزاء الاخرى من كوردستان ، و لكنهم على استعداد لتقديم المساعدة اللازمة لأدارة امورهم .
- ان الحل الامثل لقضية الشعب الكوردي في الاجزاء الاخرى تمثل في التوجه الى حكومات دولهم و الاتفاق معهم و عدم الاعتماد على الدعم الخارجي الذي سيجعلهم درباً لتحقيق مصالحهم وأداة بيدهم يوجهونهم كيفما يشاؤون لا اكثر .
- عدم قبول الاخر ، من المشاكل التي وقعت فيها ادارة غرب كوردستان هي عدم قبول الاخر من الاحزاب و الافكار و الآراء و تعاملت بروح دكتاتورية بعيدة عن الاسس و المبادئ الديمقراطية و حقوق الانسان ، انطلاقاً من تمسكها بمبادئ و استراتيجية حزب العمال الكوردستاني الذي يصنف ضمن قائمة المنظمات الارهابية دولياً و تحت تسميات متعددة , هذا المنهج الخاطئ للحكم سيؤدي في النهاية الى ان يفقد الشعب منجزاته و يتعرض للتشريد و الدمار .
ان الوضع الحالي لشمال شرق سوريا يدل بوضوح الى السياسة و النهج غير السليم في الادارة من قبل الحزب الحاكم و ان حقوق الشعب الكوردي على حافة الهاوية و قد عادوا الى المربع الاول بعدما كانوا لاعباً في المعادلة و ليس ملعوباً به و قد اختلط الاوراق الدولية في هذه المنطقة و لكن يبقى الامل قائماً في ان ينال شعبنا حقوقه و يعيش في أمن و آمان .