نتوقع، أن قادم مفرح ينتظرنا، والكارثة الحالية ستنتهي، وفي زمن أقل مما نتوقع، وبنتيجة أفضل بكثير من كل الأوبئة التي اجتاحت العالم في القرون الماضية، وخاصة من تلك التي هزت البشرية في النصف الأول من القرن الماضي، والتفاؤل مبني على خلفية أحد أبسط الأسباب: التطور العلمي، ويقظة الوعي العام، ففي الماضي كانت قدرات مراكز البحث، العلمية والتكنلوجية، أقل بكثير من اليوم، بل كانت شبه معدمه مقارنة بالحاضر.
لذلك فرغم الرهبة، والسوداوية التي تجتاح البشرية، والتوقعات التي تكاد تصل إلى انتشار احتمالية أن الإنسان أمام بداية حالة الدمار الشامل وربما الزوال (أو كما يقال كجدلية هزلية، أن الإنسان أمام انقراض مشابه للديناصورات، وظهور إنسان أكثر تطورا، خاصة بعد انتشار خبر توجه كوكب مغناطيسي الأجواء نحو الأرض) تسبقها انهيار للاقتصاد العالمي على مستويات مرعبة، والمؤدية إلى تراجع قدرات الدول في مواجهة الوباء، وبالتالي تفاقم الخوف غير الطبيعي من المجهول؛ الحاضر أو القادم، رغم كل ذلك، ستنتصر البشرية على هذا الوباء وبخسائر أقل بكثير من التي تنتشر كتوقعات على الإعلام.
فإن أعظم الدول تحث وتدعم بكل إمكانياتها مراكز البحوث والمختبرات لاكتشاف المضاد الحيوي، ومن ضمنها العسكرية، فأمريكا والصين والدول الأوروبية خصصوا أموال طائلة لهذه الغاية، ففي أول مرحلة من مراحل الموجهة، وضعت أمريكا مليون ونصف عينه للفيروس ضمن التجربة والاختبار وسخرت لها أكثر من 50 مليار دولار، واليوم رفعت سقف المساعدات إلى 2 تريليون دولار، ومن ضمنها مساعدة مراكز البحوث الطبية، وتبين ضخامة العمل، بعدما أظهر البعض من مراكز البحوث المعروفة في عدد من الولايات الأمريكية عن حاجتها للعينات والمواد الخاصة لاختبار هذا الوباء، كما وحثت إدارة البيت الأبيض وزارة الدفاع لتضع المراكز العلمية في البنتاغون تحت خدمة البحث عن اللقاح لفيروس كورونا، ويقال أنها أوقفت تحركات جميع أساطيلها في العالم على خلفية الوباء.
وفي الوقت الذين تتبين فيه أن الدول الأكثر تضررا منها وهي الصين، تتعافى من الصدمة، يقال حتى الآن، أن النتيجة الإيجابية تتم ليس لاكتشاف المضاد الحيوي، بل على خفية أساليب الممانعة، ولكن المتوقع أنها حصلت على دواء ما؛ تحد أو تشفي المرضى، أو للوقاية من المرض، ولربما لأن الدواء لايزال تحت التجربة والاختبار لا تكشف الحكومة الصينية عنه قبل التأكد، وإن تم فعلى الأغلب ستكون قد وضعت حد للوباء، وإلا فلماذا الاختلاف الكبير بين نسبة المعافين من المرضي بين الصين والتي بلغت قرابة 90% ( 71ألف من 81 ألف مصاب) في الوقت لم تصل فيه النسبة عند جميع الدول الأخرى المعانية إلى 10 % حتى الآن، فعلى سبيل المثال في أمريكا ( قرابة 300 فقط من 26 ألف مصاب في أمريكا). مع ذلك وكنداء لجميع الأخوة، لتكن أساليبهم في الحجر الصحي قدوتنا في تعاملنا مع بعضنا وضمن بيوتنا. وعلينا أن نزيد من ثقتنا وثقة أطفالنا بأن الصين أو أمريكا، أو الدول العلمية الأخرى المتطورة، في المستقبل القريب ستعلن عن اكتشافها، وحينها سنكون قد تجاوزنا الكارثة، وبعدها ستخرج هذه الدول بقدرات علمية عظيمة لخدمة البشرية، وبالتالي ستصبح التجربة المريرة لهذا الوباء مفيدة لقادم الإنسانية.
وكما نعلم جميعا، وتبين حتى الآن، أن الوباء لا يؤثر كثيرا على الجيل الشاب، وكثيرا ما يتعافى، رغم ما يقال إن تأثيراته تظل كامنة في جسمه، في الوقت الذي يقضي فيه على نسبة عالية من الكهول، وبالتالي فالكارثة ليست كما كانت عليها الأوبئة السابقة التي اجتاحت البشرية والتي كانت تقضي على الإنسان ومن كل الأعمار، وأصبحت من الماضي، كما وأن نسبة الوفيات من المرضى بفيروس كورونا ليست بتلك الضخامة، والتي لا ننتبه إليها على خلفية ما تنشره الإعلام، وهذه بحد ذاته يجب أن يجلب لنا التفاؤل بالقادم، خاصة وأنه في الأيام القريبة، ستكون المواجهة أقوى وأسهل، وعلى الأغلب سيتم الحد من انتشاره المريع، بعدما تتمكن الدول من سد النقص الفظيع في الاحتياجات، وتحفيز مصانعها لزيادة إنتاج متطلبات المستشفيات ومراكز الحجر الصحي من الأدوات.
وعلى خلفية تعلم أساليب الاحتراز والتي لم تكن جميع دول العالم مهيئين لها، ولم يسبق أن اختبروها سابقا، نلاحظ أن معظم إداراتها ولأول مرة في التاريخ يواجهون الكارثة بقدرات غير مسبوقة، وبالتالي فتأثيرات الصدمة في القريب ستضمحل، وعلى الأغلب ستزول في الشهور القادمة، بل وستخرج بعض من هذه الدول بخبرات؛ قد تؤدي إلى ظهور إبداعات في مجالات عديدة وفي مقدمتها الطبية، كاكتشاف الأودية للأمراض الأخرى المزمنة أو الموسمية والتي لا تزال مستعصية علاجها، فكما قال رئيس معهد الأوبئة المعدية، الأمريكي، أنهم كانوا يتوقعون في السنتين القادمتين، الوصول إلى اكتشاف لقاح لمرض الأنفلونزا، الذي يقضي سنويا على الألاف من الناس، والآن أصبح احتمالية بلوغها في زمن أقل.
نعم البشرية أمام كارثة؛ في كل المجالات، لم تسبق لها مثيل في التاريخ، ومن جملتها نفسية الفرد، والتي ستحدث تغيرات على العلاقات الإنسانية، وعلى العادات والتقاليد بين الشعوب، وعلى تعامل الأنظمة العالمية بين بعضها، وعلى الأرجح ستظهر طفرات اجتماعية وعلمية في المستقبل لا سابقة لها، بعد الحد من الفيروس، لذلك علينا ألا ننهار أمام الرعب المنتشر، وألا يجتاحنا الهلع، فلا يكفي ما تقدمه حكوماتنا، بل يتطلب من أرباب البيوت الكثير، مما يجب أن يفعلوه، ليخففوا على عائلاتهم وعلى الدولة ثقل الصدمة، ويخففوا الهموم على أفرادهم القابعين في الدار، وخاصة الأطفال والشباب.
لنكن متفائلين في بيوتنا أمام أطفالنا، وعلينا ألا نرهبهم، بل يجب أن نظهر لهم أن ما يجري حالة عابرة وستنتهي بسلام، وما يجري ليس سوى صراع الطبيعة مع التطور البشري، وهذه لربما واحدة من الأخطاء التي تحصل مع الإنسان والدول، جراء التسابق أو العمل على الاكتشافات، فبدون الأخطاء لا تتطور الإنسانية، وتصحيح الخطأ وتجاوزه سيؤدي بالقادم إلى واقع أكثر جمالا وحضاريا.
أتمنى للبشرية جمعاء ولشعبنا الكردي، كل الخير والسلام، وأهنئ أمتنا بعيدنا السعيد عيد نوروز المجيد، ولنأمل أن يكون هذا اليوم الجديد فاتحة خير وفرح لقادم البشرية جمعاء.