قبل حفنة من السنين قرأت نظرية بين دفتي كراس كتبه احد المنظرين السياسيين، تتحدث عن ماهية البديل الافضل لامريكا والغرب ومن يكون، ونظرية هذا الكاتب وخارطة الطريق التي اختارها مستمدة من ان امريكا تتدخل في الشرق الاوسط ببرنامج ونية سيئة ولا شغل لها بشعوب المنطقة ولا تريد لها الاستقرار، في وقت بامكانها وبكل يسر وسهولة دعم الامن والامان والازدهار فيها، بل تملك القدرة على ذلك، الم تكن جميع المتغيرات في الشرق الاوسط خلال الاربعين سنة الماضية من افغانستان الى حروب الخليج لغاية تغيير النظام العراقي وماتلاه من الربيع العربي وراءها اياد امريكية؟ ولكن أي منها اوصلتها امريكا الى ثمرة الاستقرار والامن والسيادة؟ ليس بهذا القدر فحسب، بل ان سياساتها - التي تؤمن بها منذ مدة و تعامل القوى المحلية والاقليمية والعالمية- عبارة عن ادارة الازمات وليس ايجاد حل لها وقطع دابرها، ومن هنا اتناول النظرية التي تقول ان تاريخ امريكا القديم والحديث اثبت بانه يتوجب على جميع دول وقوميات واديان ومذاهب الشرق التجمع في تحالف شامل سياسي وثقافي وحضاري من روسيا والشرق الاوسط حتى المغرب العربي لان هذا القسم من الكرة الارضية من جهة القيم والثقافة والجذور الدينية تتشابه وهم اقرب لبعضهم البعض اكثر من قربهم من الغرب).
الان هذا القسم من الكرة الارضية اي الشرق كله يكن الغضب من الغرب وكل واحد منها يعاني بشكل مختلف مما تفعله امريكا وهي تفكر منذ مدة في حل ولكن بسبب تشتتها لم تستطع لحد الان ان تكون صاحبة موقف موحد ولا يستطيع اي طرف منها فعل اي شيء بمفرده، ولكن روسيا توفرت لها الفرصة وهي تفكر في دور جديد لها وفي الانتقام ايضا، وايران وتركيا والخليج واندنوسيا والشرق الاوسط عامة كلهم يبحثون عن حل ونافذة، وان تخبط امريكا وتغيير القوة الدولية المتينة للحرب غير المتكافئة الاقليمية والصغيرة والانغماس والفشل المتعاقب وما يقوم به ترمب بالشكل الحالي، من المحتمل ان تغني تلك النظرية وان تجمع حولها الكثير من المتبنين، وترمب يغرد لوحده ومعاييره فقط الربح وتوفير فرص العمل للداخل الامريكي ولا يريد ان يدفع ضريبة "المشيخة والوجاهة" على العالم الذي تسعى اليه امريكا منذ مائة عام وصرفت عليه مبالغ طائلة.
في ظل هذه الانشغالات التي انغمست فيها امريكا من دون نتيجة وصرفت عليه الوقت والمال ولم ولا يهمها الى متى تدوم الحروب اللامتناهية كون حقوق وسيادة الشعوب لا تساوي شيئا عندها في مقابل ربح وتصريف سلعها وبضائعها. وفي هذا الوقت وخلال السنوات الاربعين من التخبط الامريكي قامت الصين ببناء اكبر امبراطورية اقتصادية وتجارية ، وسقطت روسيا ونهضت من جديد، وضجرت منها اوربا، وشعوب الشرق الاوسط يئست منها، ولاربع مرات تنتصر عليها الصين في ملتقى دافوس السنوي في سباق الروبوتات، لذلك كله يخشى كبار عقلاء السياسة والاقتصاد والفكر من كارثة مفاجئة قد تحصل.
فاذا اتحد الشرق من الان لغاية عشر سنين قادمة في تحالف شامل فانه سيصبح صاحب 4 مليارات نسمة، واذا اول عمل له فتح سوق مشتركة واحدة واستعمل عملة جديدة فان امريكا نفسها لن تعرف ما الذي سيحصل لها.
انا لا اعرف كم بقي من الفرص ولكني اعرف ان اي شعب وقومية لم يبق لها اية شفقة او ثقة تجاه امريكا وسياساتها.
ترجمة: ماجد سوره ميري