2020-07-14 16:17:41
قبلَ التطرق إلى أصل كلمة "الشيخ" في الإيزيدية لا بد من توضيح نقطة مهمة وهي : بعد الإبادة الجماعية في 2014 التي تعرض لها الإيزيدية على يد الدولة الإسلامية (داعش) لاجئ مئات الآلالف من الإيزيديين إلى الدول الغربية و تحديداً ألمانيا ، الإبادة والغربة جعلت أغلب الإيزيديين يتمسكون بديانتهم أكثر و أكثر، بالمقابل كان هناك من ينتظر الفرصة والمكان المناسب حتى يقوم بالإشهار بالإيزيدياتي ، رغم أن ديانة الإيزيديين ليست تبشيرية ولا يوجد فيها ما يسمى بحد الردة ، ورغم توضيحات رجال الدين لهؤلاء بأنهم أحرار لكن لا داعي للإشهار و التهجم على الرموز والمقدسات الإيزيدية بشكل عام و على طبقة الشيوخ تحديداً ؟ في محاولة منهم للدخول من هذا الباب لهدم السور المنيع المحيط بالشيخ و البير و المريد (فقير ، قوال ، گوجك) هذا مايسمى : بالحد و السد الإيزيدي أي " النواميس والقوانين الكونية التي نزلت من السماء" !!!
سوف نبحث عن أصل كلمة الشيخ حسب اللغة العربية لأن هناك أعتقاد بأن كلمة الشيخ تعني رجل دين في الإسلام ؟ شيخ الإسلام هو لقب يطلق على كل علامة متبحر في العلوم الشرعية الإسلامية، وله دراية وريادة بين علماء الإسلام . عالِم الدين عند المسلمين عادةً ما يطلق عليه شيخ لكن هذا اللقب ليس له أي علاقة بالكتاب المقدس للمسلمين ، تسمية رجل دين إسلامي هي : عالم دين (علَّامة) و فقيه، قارئ، حافظ، إمام، خطيب، نساب، داعية، محدث، ملا . أما كلمة ( الشيخ ) فليس للقرآن الكريم عرف شرعي خاص بها ، بل جاءت فيه بالمعنى اللغوي المعروف فيها ، والذي ذكره ابن السكيت رحمه الله (ت244هـ) بقوله: " إذا ظهر به الشيب واستبانت فيه السن فهو شيخ " انتهى من " الكنز اللغوي " (161) ، ينظر : " لسان العرب " (3/31-33) ، " تاج العروس " (7/286-289) . وقد وردت كلمة شيخ في القرآن الكريم في أربعة مواضع بهذا المعنى ، وهي : قوله تعالى على لسان زوجة إبراهيم عليه السلام : ( قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) هود/72 . وقوله عز وجل على لسان إخوة يوسف : ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف/78. وقوله تعالى على لسان الجاريتين اللتين سقى لهما موسى عليه السلام : ( قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ) القصص/23. وأخيرا قول الله سبحانه : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ) غافر/67 . جاءت في هذه المواضع جميعها بالمعنى اللغوي الدال على كبر السن . المصدر : بوابة الإسلام ، المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب ،
من خلال البحث القصير تأكدنا من أن كلمة الشيخ ليست لها علاقة برجال الدين الإسلامي بل تعني الكبير بالسن !!! من أين جاءت كلمة الشيخ إلى الإيزيدية ؟ يتفق أغلب الإيزيديين بأن كلمة الشيخ جاءت من أسم "شيخادي "ولكي لنعلم من يكون" شيخادي " علينا أولاً : أن نفهم المعنى الحقيقي لهذا الأسم حسب اللغة الإيزيدية : فالكلمة شيخادي تتألف من ثلاث مقاطع : المقطع الأول : شي : أي (من) المقطع الثاني : خا :أي (نفسه)المقطع الثالث : دي :أي (أوجد) أي /من نفسه أوجد/، كما هي كلمة الخالق "خودا" وجد نفسه بنفسه. يظهر أسم "شيخادى" في الأقوال الدينية المقدسة بصفة (به دشاه) أي الخالق، الأسم الأعظم للخالق هو " خودئ" لكن له 3003 أسم، أعطى لكل من "طاوؤس ملك" و "شيخادي" و ئيزي ألف و وأحد أسم لكي يقومون بإدارة شؤون الكون وتنظيمها . لقد ظهر للإيزيدية "سر طاوؤس ملك" على مر العصور لآلاف المرات و آخرها كان في القرن الثاني عشر في شخصية الشيخ آدي المسافر عليه السلام ، بهذا الصدد جاء في أحدى السبقات الدينية : " شيخادي شيخ بركاته ب وئ سره كر خلاته : ژ عرضه ڨري چو سماوات . أي بمعنى : شيخادي شيخ بركات بهذا الأسم ظهر بين الإيزيدية ثم عندما أنتهت مهمته أختفى هذا السر بطياتهِ و ذهب إلى السماءِ ، يقول النص الديني : شيخادي شيخ عام يتصف بعقيدة قبل الإسلام . كلمة الشيخ حسب المفهوم والتفسير الإيزيدي تعني : (من نور أو من سر الخالق و الملائكة) و كلمة البير : جاءت من أسم طاووسي ملك الذي هو بير : الكون . شيشمس تعني من نور الشمس شيخوبكر يعني من البكر ، حتى الآن نقول شيخوبكرئ بكر . شيمند : أي شيخ مند، مندئ دنيا و آخره. شيسن : إله السن ، كلمة الشيخ تعنى أيضاً : خودان . كلمة شيخ ومصدرها ( شاه ) في التاريخ كلمة شيخ ( شاه .. شيه ) هي كلمة آكدية آرامية في اللغات القديمة .. واستخدمها الايزيديون في اغلب نصوصهم الدينية والتي تعني نور أو الحاكم أو الملك أو الأب أو الخالق ( باتشي ) .. وردت هذه الكلمة في النصوص الدينية الإيزيدية مستخدمة كلمة بات شاه ( الخالق ) أو شاه شمس أو شي شمس ( نور الشمس ) أو نور الخالق , وبعد اختراع الأبجديات الهندواوربية إنتقلت الكلمة إلى أغلب لغات العالم من مصدرها الأم : الأكدية الآرامية .. المؤرخ الإيزيدي :فواز فرحان . به دشايه و هه ر چار ياره ل مه ر كه بئ دبوون سواره سه يرى بوون چار كناره ل لالشئ سه كنين، كوتن : ئه ڤه حه ق واره... الترجمة : سر الخالق (شيخادي) و خلانه الأربعة صعدوا المركبة : ساروا بها في الأتجاهات الأربعة ثم وقفوا في لالش وقالوا : حقآً أنه مكان مناسب. تمثل الصفة شيه ــ شيحو ــ شيخو ( علم أو نور ) والموصوف شاه ( الخالق أو الحاكم ) أساسيين في اللغات الآرامية القديمة ومعاجمها .. في هذا الرابط يشرح كلمة شاه وباتشاه و خشايا ( شيخ ) https://de.m.wikipedia.org/wiki/Schahhttps://www.youtube.com/watch?v=AjC6GrpbDcU&app=desktop Qewlê Bê Elif, S. 6, R. 1 „Padșê min bi xo efirandî dura beyzaye“ “Pedşa li nav durê li xewlê bû“- جاءت في أحدى السبقات من قول الخليقة و التكوين : زبوني دل مكسور ( الناسك المتعبد) -به دشايى ؤ هه ر 7 سورت خولانا وه رايكي ناف خوو دكنا ، ئقينكا وه كنياتكئ ئفاكنا الخالق و الملائكة السبعة يخططون لأمر ما، بكل تأكيد سوف يقومون بتشكيل الأكوان ( الكون ) به دشايى من خوشكر سوحبتئ، ليئك رونشتن سوحبتئ هنكئ دانان حد ؤ سدى. الخالق مع الملائكة السبعة وضعوا الحد و السد و القوانين الكونية. بادشي من حد و سد، وه جيكر، حقيقت و سريعت ژ يئك جهه كر ، سونتى مخفي بو بادشي من هنكى داهر كر. الخالق وضع الحد و السد، فصل بين الحقيقة و الشريعة، الإيزيدية كانت مخفية فأظهرها . من خلال هذه السبقات من أقوال الإيزيدية المقدسة يتضح لنا بأن قبل الخليقة و التكوين تم وضع القوانين الكونية للبشرية جمعاء ومن ضمنها قانون الحد و السد للإيزيديين : الإيزيدية أو الإيزيدي هو : المولود من أبوين إيزيديين من نفس الطبقة الدينية : يؤمن بالخالق "خودئ" و بجميع أقانيمه!!! عُرفت الإيزيدية بعشرات الأسماء مع أحتفاظها بأسم ئيزي إيزيدا ( السائرون على طريق الخير والحق) و إن وجود أسم أحدى المدن السومرية ب "إيزين" و معابد البابلين "بإيزيدا" أكبر دليل على قَدم هذه التسمية. في البداية عُرفت الإيزيديين بالسونت نسبتاً إلى "ملك شيسن" (سن) كما عُرفت بالشمسانية ( شمس به رست) نسبتاً إلى ملك شيشمس. عند ظهور النبي شيت بن جر، بعدها زواجه من الهورية أنجبت توائم ، فصل بينهم "ئيزي"من نسل أحد الأطفال خلق الشيوخ ومن الثاني الابيار، الباقي "المريد" : سلتان ئيزي ب شيرئ حه قيئ ژ هه ف د كرن . هذه الميثولوجية قريبة من الميثولوجيا البابلية لخلق العالم، بإختصار تقول الأسطورة البابلية : في البدء كانت الآلهة (نمو ) أنجبت الألهة "نمو " ولداً و بنـتاً .. الأول ( آن ) إله السماء المذكّر .. و الثانية ( كي ) إله الأرض المؤنث .. و كانا مُلتصقين مع بعضهما و غير منفصلين عن أمهما "نمو" ثم قام ( آن ) بالزواج من ( كي ) .. فأنجبا بِكرهما "أنليل" ( إنليل ) لم يُطِق ذلك السجن، فـقام بقوته الخارقة بفصل أبيه ( آن ) عن أمه ( كي ) ، فرفع الأول فصار سماء ، و بسط الثانية فصارت أرضاً . ( إنليل ) كان يعيش في ظلام دامس ، فأنجب إنليل أبنه ( نانا ) آله القمر .. ليُبدد الظلام و ينير الأرض ..! ( نانا ) آله القمر أو ( سين ) فيما بعد , أنجب بعد ذلك ( أوتو ) أو ( شمش ) آلـه الشمس ! أنتقلت هذه الأسطورة إلى اليهود أثناء سبي البابلي ثم عدّلـوا عليها بعض التفاصيل و الأسماء و نسبوها لكتابهم المقدس ثم أخذ عنهم أغلب الأديان . المصدر : قه ولى : زه بونى مه كسور. شه هيد بيغه مبه ر ژ وئ كاسئ د بوو مه سته. قول : ئيزي و مه ده هئ. : ئئه ز هاتيمه رابوهرم ،هه رمه بيش وئ هه رفئ دكه مه، ته فتيش. وظيفة الشيوخ في الإيزيدية : الشيوخ هم الذين يؤدون وظيفة " تعميد البسك" ومراسيم غسل الجنازة للإيزيديين. الشيخ والپير متساوون في المكانة الدينية، على الرغم أن لديهم وظائف مختلفة، (الأثنين ينتميان إلى بيت :آديان ). الشيوخ و الابيار لا ينتمون إلى عشيرة محددة لأن في أغلب الأحيان يكون شيخ شيخاً أو بيراً لأكثر من عشيرة , ليسَ من الضروري أن يكون" الشيخ "رجل دين لكن من الضروري جداً الإلتزام بالثوابت الإيزيدية فيحق له من الناحية الدينية القيام بطقوس البسك و غسل الجنازة لا أكثر. مهما كانت مرتبة الشيخ يجب أن يكون له شيخ لهذا السبب يقال للشيوخ و الآبيار "دو ناف" أي أسمين ، الأسم الأول" مريد" و الأسم الثاني :شيخ أو بير. الشيخ و البير ،المريد يجب أن ينتميان إلى تلك الطبقة الدينية بالولادة، و لا يجوز الزواج من خارج الملة أو بين الطبقات الدينية الإيزيدية!!! به دشاى من ب حوكمئ خوو ره ويا، عزيزئ من به ته هاته دوعيا، ته دا : دا ستى شيخا : بسك و مقصئ ته دا : دا ستى بيرا : فتوى و ذكائ الخالق بقراره حاسم ، له المدح و الثناء سَلم للشيوخ بسك (الشعر) و المقص (الشؤون الإجتماعية) أعطى لآبيار : الفتوى و الذكاء (الشؤون الدينية) صبحي نبو : باحث و ناشط في الشأن الإيزيدي. كل الشكر والتقدير : لأستاذي الكبير : مام فقير جردو "من كبار علماء الدين الإيزيدي" على شرحه للسبقات الدينية.