شفق نيوز/ "نحن نؤمن بأن السينما أداة فاعلة تستطيع خلق ثقافة منتصرة جديدة، تتمكن من دحر الفكر الإرهابي، وتوثق الكثير من الحقائق، كما أنها بكلِّ تأكيد تبثُّ الأمل باستعادة الحياة مرة أخرى".
تحت هذا الشعار رفعت معظم مهرجانات السينما العراقية لواء المواجهة مع الإرهاب على وجه العموم، وتنظيم داعش الإرهابي على وجه الخصوص، دون أن تعلن ذلك صراحة في بعض الأحيان، ليصبح الفن السابع هو الطريقة المثلى للتعبير عما يجيش في نفوس المثقفين والمبدعين في العراق، وهو ما دفع أيضًا بعض هذه المهرجانات مثل "مهرجان بغداد السينمائي"، لتنظيم مسابقة لأفلام حقوق الإنسان، لتكون فرصة للحديث عن كل التجاوزات وأعمال العنف في العراق والعالم.
بيد أن هناك مهرجانات ملتبسة الأهداف؛ حيث يتداخل فيها الحديث السينمائي عن تصورات غير معلنة، وهو ما يظهر في بعض الأفلام المعروضة أو في الجهة المنظمة التي تكون في العادة معروفة في توجهاتها، ولكن ذلك لا ينفي دور هذه المهرجانات في تجسيد واقع الوضع المتأزم في هذه المنطقة المكدسة بالصراعات والأفكار العقائدية والفتن والمؤامرات الإرهابية.
مهرجان العراق الدولي للفيلم القصير: يعد هذا المهرجان هو أول تجمع سينمائي نُظم في بغداد عام 2005، حيث قامت بتنظيمه جمعية الفنون البصرية المعاصرة، وهي منظمة ثقافية عراقية مستقلة، وقد بدأت عروضه في الفترة من 24-29 سبتمبر/أيلول على قاعة سينما ومسرح الفانوس السحري ببغداد. كما قدمت الدورة الأولى 140 فيلمًا، وكانت هناك إسهامات من المخرجين العرب، والكورد من داخل العراق والمقيمين في الدول العربية والأجنبية.
وقبل افتتاح المهرجان بفترة قصيرة وصلت للمهرجان إسهامات سينمائية متميزة من مصر، اليونان، بريطانيا، اليابان، أمريكا، المغرب، تونس، لبنان، كندا، ورومانيا، ولأنها وصلت متأخرة فلم يتثنِ عرضها سوى خارج المسابقة في برنامج الدولة الضيف.
وتسببت الظروف الأمنية في العراق في عدم حضور متابعين ومعنيين من خارج العراق، بينما كان حضور الجمهور العراقي متميزًا لمشاهدة الأفلام الدولية القصيرة (تسجيلية/وثائقية، روائية، رسوم متحركة) كما شهد المهرجان حضور شخصيات سياسية وثقافية مثل الدكتور جلال الماشطة ممثلًا شخصيًّا لرئيس الجمهورية العراقية، ومفيد الجزائري رئيس لجنة الثقافة في البرلمان العراقي وزير الثقافة السابق وعدد كبير من المثقفين والأكاديمين والنقاد والاذاعات ومحطات التلفزة المحلية والدولية.
ويعد هذا المهرجان، هو أول تحدٍّ حقيقي للإرهاب، حيث انطلق خلال ظروف عصيبة كانت تمر بها البلاد، لما شهدته من بوادر حرب أهلية طاحنة وظروف أمنية معقدة، بعد عامين فقط من سقوط بغداد في يد الأمريكيين.
مهرجان بغداد:
تأسس هذا المهرجان في عام 2004 مع تأسيس جمعية "سينمائيون عراقيون بلا حدود"، وهي منظمة مستقلة غير حكومية، وقد افتتح للمرة الأولى في ديسمبر/كانون الأول عام 2005، برئاسة طه العلوان. ويميل هذا المهرجان إلى دعم سينما جديدة في العراق، ترعى التعددية الثقافية، مع تركيزها على قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة، وله مسابقة خاصة بعنوان "حقوق الإنسان" ذات طابع سياسي أيضًا، بالإضافة للأقسام الأخرى الطويلة والقصيرة والوثائقية وقسم خاص بالأفلام العراقية.
وقد أقيم منه 8 دورات، كما دارت معظم أفلام الدورة السابقة حول محور حقوق الإنسان، وجرائم الإرهاب.
مهرجان الهربان المتجول:
استعار مهرجان "الهربان"، عنوانه من اسم طائر موطنه الأصلي هو الصين، ومكان هجرته الأخير هو مدينة العمارة بالعراق، حيث أقيمت الدورة الأولى لهذا المهرجان عام 2009 من مدينة العمارة العراقية (مركز محافظة ميسان وتبعد 320 كم جنوب شرق بغداد) تحت رعاية (الشبكة العربية للتسامح).
وتهدف جميع الأفلام المعروضة إلى العيش المشترك بسلام، قبول الآخر، فكر بغيرك، السلام، عدم التعصب، هذا الفضاء لنا، وغيرها من الأهداف التي تكون تحت مظلة قيم التسامح واللا عنف.
كما حدد التجول لمدة سنتين في عدد من العواصم والمدن العربية والعالمية من أجل نشر مبادئ وقيم التسامح من خلال الأفلام التي تعنى بهذا المفهوم.
ويقام المهرجان كل عامين، حيث أقيمت الدورة الثالثة العام الماضي، وعرض في الافتتاح فيلم (وهلأ لوين) للمخرجة اللبنانية نادين لبكي، الذي يطرح أهمية التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين أثناء الحرب الأهلية في لبنان، وأقيمت ندوة حول الفيلم بعدها.
يذكر أنّ المهرجان في دورته الثانية تنقَّل بين ميسان وبغداد والدوحة والقاهرة حاملًا رسالة التسامح والمحبة.
مهرجان النهج السينمائي: هذا أيضًا واحد من المهرجانات التي أقيمت منذ 5 سنوات، وتطرح العديد من الأسئلة حول هويتها الحقيقية التي تبدو ظاهرة من الجهة المنتجة، وهي قناة "كربلاء"، مرورًا بتفاصيل ما تعرضه من أفلام، ويقام في قاعة "العتبة الحسنية" بمدينة كربلاء بالعراق، بحضور محافظ مدينة كربلاء، وهو برئاسة حيدر نوري جلوخان، ومدير المهرجان حسنين الهاني!
مهرجان السينما المتنقلة: وهو مهرجان لأفلام الموبايل، تكون في الغالب نتاج ورشة العمل، التي يقيمها المركز العراقي للفيلم المستقل كل عام، ويعد احتفاءً بالسينما المستقلة التي ظهرت في العراق بعد عام 2003. وانطلق هذا المهرجان من مدينة الناصرية جنوب العراق عام ٢٠٠٩، ليطوف بعدها جميع المحافظات العراقية، متنقلًا أيضًا بين المدن والقرى والأرياف، ليصبح بديلًا ناجحًا عن غياب دور العرض السينمائية عن البلد بعد أعوام، دمرت فيها الحروب البنى التحتية الثقافية، وظلت مغيبة دون انتباه أحد.
وقد تزامنت دورة عام 2014 مع اليوم العالمي لـ"لا عنف"، للمساهمة في مواجهة أبناء الشعب العراقي النفسية واليومية في المعركة ضد إرهاب التطرف وإرهاب التخلف.
وتنقل المهرجان وقتها إلى أماكن النازحين في الشمال والجنوب، لمشاركتهم مشاهدة الأفلام خلال عدة عروض، وتم توجيه التحية لشهداء قاعدة "سبايكر"، بإشعال شموع لأرواحهم في يوم انطلاق المهرجان.
مهرجان أربيل السينمائي:
أقيمت أول دورة لهذا المهرجان عام 2014، بعد نشر إعلان يدعو لتوظيف الذين يجيدون التحدث بلغتين على الأقل من اللغات التالية (التركية، الإنجليزية، الفرنسية، الكردية، العربية، الفارسية، الألمانية)، وليس لديهم أي مشكلة في الإقامة في مدينة أربيل للعمل في المهرجان.
وتبع الاعلان بالإشارة إلى أن المهرجان، سيعرض في دورته الأولي برنامجًا خاصًّا يتكون من 3 أفلام عن المخرج الراحل، رمز الفيلم الأسطوري الكوردي، الممثل والمخرج يلماز غوني، الذي قضى سنوات عديدة خلف القضبان كسجين سياسي في ظل الأنظمة العسكرية المتعاقبة.
كما شارك في هذه الدورة أفلامًا عديدة من كوردستان العراق بالإضافة للمصري «فتاة المصنع» للمخرج محمد خان، واللبناني «نسوان» للمخرج سام أندراوس، والأردني «الشراكسة» للمخرج محيي الدين قندور، والسوري «مريم» للمخرج باسل الخطيب.
وكان توجه المهرجان معروفًا، فهو مهرجان كوردي في محافظة أربيل، عاصمة إقليم كوردستان العراق التي تعد رابع أكبر مدينة من حيث المساحة في العراق بعد بغداد والبصرة والموصل، ورغم ذلك فهي تواجه خطر داعش تمامًا، كما تواجهه مناطق أخرى في العراق بما يجعل تحديها لهذا الوضع بالسينما قيمة إضافية لهذا الحدث.
يذكر أنه قد أعلن منذ أيام عن تنظيم مهرجان سينمائي كبير جديد بالعراق بعنوان مهرجان "العراق السينمائي الأول"، وتقيمه رابطة السينمائيين العراقيين التي تأسست منذ 12 عامًا تقريبًا، ويترأسها محمد محبوب، وهي منظمة غير حكومية أيضًا، لينضم بذلك إلى قائمة المهرجانات العراقية التي تتحدي داعش والإرهاب بالفن السابع