شفق نيوز/ من سخرية الأقدار أن يتصادف انتشار فايروس كورونا ومن ثم تحوله الى وباء بحسب منظمة الصحة العالمية مع تهيؤ شعوب عدة لاحتفالاتها الخاصة المقترنة بانتهاء الشتاء وبدء موسم الربيع.
إلا أن سنة النوروز الجديدة، حملت في طياتها بداية قاتلة مفزعة لم تقتل الأنفس البشرية فحسب بل قتلت الفرحة المنتظرة بالحفاوة بأعياد طالما احتفلت بها الشعوب المعنية بصورة عفوية مبهجة.
وعيد النَّوْرُوزُ الذي يوافق يوم الاعتدال الربيعي أي الحادي والعشرين من آذار في التقويم الميلادي، أصبح من ضمن ضحايا الفايروس المتجدد القاتل.
فهذا اليوم الذي يحتفل به الكورد في أرجاء العالم ولا سيما بإقليم كوردستان العراق كما يّحتفل به في إيران والدول المجاورة كأفغانستان وتركيا، لم يسلم من قسوة الفايروس وسطوته لتتحول الفرحة بالتلاقي والتجمع والغناء والرقص وإقامة الولائم الخاصة والعامة وجذوة نار نوروز الموقدة الى حزن بل احزان على الأرواح التي يحصدها المرض واتشاح بالسواد لدى كثير من العائلات التي فقدت ابناءها تحت وطأة الفايروس.
ويظهر ان محافظات ومدن الإقليم لن تشذ عن التعايش مع تلك القسوة التي يولدها المرض والشعور بآلام الضحايا فغابت مظاهر استقبال العيد والفرح به.
جرى ذلك في ظل حظر للتجوال فرض في الإقليم تجنبا لحدوث إصابات جديدة بفايروس كورونا ولاسيما اذا جرت تجمعات للناس احتفاء بعيد نوروز.
وذكر مراسل شفق نيوز أن شوارع أربيل عاصمة الإقليم بدت اليوم خالية من السكان من دون ان تجري اي استعدادات مثل السنوات السابقة للاحتفال ينوروز والخروج الى النزهات العائلية من جراء التزام السكان بحظر التجوال.
من جانبها قالت محافظة اربيل لشفق نيوز ان شعلة نوروز ستوقد مساء اليوم على قلعة اربيل من دون مشاركة المواطنين حفاظا على حياتهم من الاصابة بفيروس كورونا.
وأوضحت انه جرت على القلعة استعدادات ايقاد شعلة نوروز التي ستكون من دون احتفالات على اعتبار انه يوم تاريخي وعيد قومي للشعب الكوردي.
واتخذت الإدارة المحلية في السليمانية خطوة مماثلة، بإيقاد شعلة نوروز دون حضور الجماهير.
يشار الى ان وزارة الداخلية في حكومة إقليم كوردستان العراق كانت قد مددت يوم الأربعاء 18 آذار الجاري أي قبل يومين من الشروع باحتفالات نورز المفترضة حظر التجوال الذي فرض بتأثير تفشي فايروس كورونا في محافظات أربيل والسليمانية وحلبجة لخمسة أيام أخرى وفرضه لأول مرة في محافظة دهوك للمدة ذاتها، في مسعى لاحتواء فيروس كورونا الجديد.
وأشارت الداخلية على لسان وزيرها ريبر أحمد في مؤتمر صحفي عقده مع الحكومة المحلية في السليمانية أن قرار التمديد يأتي "بعد استشارة رئيس الحكومة مسرور بارزاني ونائبه قوباد طالباني والتباحث مع محافظي الاقليم كافة، واستنادا الى ما اعلنت عنه وزارة الصحة بان تلك القرارات كانت مفيدة ولها تأثير ايجابي على انخفاض حالات الاصابة بفيروس كورونا".
ودأب إقليم كوردستان على تنظيم احتفالات واسعة النطاق تستمر على مدى عشرة أيام خلال عيد نوروز ورأس السنة الكوردية.
وكانت تقام حفلات فنية وفعاليات أخرى ترفيهية في المتنزهات العامة بمدينة أربيل العاصمة والمدن الأخرى بمشاركة فنانات وفنانين كورد من كل مناطق كوردستان في العراق وسوريا وإيران وتركيا.
كما جرت العادة على تحضيرات مبكرة تبدأها الأسر الكوردستانية للاستعداد لاستقبال نوروز الذي يعد من أهم الأعياد القومية لدى الكورد ويرتبط بأسطورة رجل بسيط يعمل حداداً قاد ثورة ضد حاكم ظالم وأشعل النيران إيذاناً بعهد جديد يسوده العدل والمساواوة بين الناس.
فقد دأبت العائلة الكوردستانية على تجهيز أحد أبرز مظاهر الاحتفال بنوروز وهو الزي الكوردي وخاصة النسائي المزركش بألوان زاهية تتماهى مع ألوان زهور الربيع.
ومساء يوم 20 آذار، اعتاد الناس على إيقاد النيران في سهول كوردستان وفوق جبالها إيذاناً بقدوم نوروز وبدء السنة الكوردية الجديدة. وفي اليوم التالي يخرج الناس للتنزه في ربوع الطبيعة مع أكلاتها الشعبية الشهيرة وعلى رأسها الضولمة.
فهل تنجلي أيام كورونا القاسية لينحسر المرض ويزول؛ لتعود الشعوب الى طبيعتها تتطلع الى الفرح والبهجة والتلاقي مع المعارف والاصحاب لتنحسر عزلتها وخواؤها وتستعيد عافيتها ورونقها وانسانيتها استعداداً لنوروز مقبل اكثر بهاء وصفاء وسعادة.