شفق نيوز/ تجد شركات الطيران في الولايات المتحدة الامريكية، صعوبة في فرض ارتداء الكمامة الواقية من فيروس كورونا على الركاب الرافضين استعمالها في داخل الطائرات، برغم ان وضع الكمامات اصبح إلزاميا في جميع الرحلات الجوية في الولايات المتحدة منذ يوم الاثنين 11 أيار الجاري.
واتخذت مسألة وضع الكمامات في الولايات المتحدة بعدا سياسيا حساسا.
واختبر يوهانس أيسيلي المصور في وكالة فرانس برس هذا الأمر بنفسه حين استقل رحلة تابعة لشركة أميريكان إيرلاينز للتوجه من مطار "لا غوارديا" في نيويورك إلى مطار "شارلوت دوغلاس" في كارولاينا الشمالية، فجلس محشورا بين راكبين أحدهما لم يكن يضع كمامة.
ويروي المصور "سألته إن لم يكن لديه كمامة، فرد أنه يحمل واحدة، لكنه مرتاح أكثر من دونها". ويتابع "أجبته أنني سأكون أكثر ارتياحا إن وضعها، لكنه رد قائلا: احتفظ بمخاوفك لنفسك!". ولم يتمكن يوهانس من تبديل مقعده لعدم توافر مقاعد فارغة.
وحصل ذلك قبل أن يصبح وضع الكمامات إلزاميا في جميع الرحلات الجوية في الولايات المتحدة قبل ايام تفاديا لانتشار فيروس كورونا المستجد. ولا يعفى من وضع الكمامات بحسب التعليمات الرسمية سوى الركاب الذين لديهم أسباب طبية والأطفال الصغار.
وأكدت شركتا أميريكان إيرلاينز ويونايتد إيرلاينز أن التعليمات واضحة، وإذا حضر راكب من دون كمامة، لا يمكنه الصعود في الطائرة. لكن المشكلة تطرح بعد إقلاع الطائرة، ويظهر أن شركات الطيران قررت في نهاية المطاف أن بإمكان الركاب إزالة كماماتهم إن أرادوا.
وتوضح متحدثة باسم يونايتد إيرلاينز "إذا كانت هذه التنظيمات تعرقل رحلة لسبب من الأسباب، ننصح طواقمنا باستعمال مهاراتهم في خفض التصعيد".
وتتابع "بإمكانها أيضا تبديل مقاعد ركاب في الطائرة إذا اقتضى الأمر"، غير أن هذا الحل غير ممكن إلا في حال وجود مقاعد شاغرة.
ويقول متحدث باسم ساوثويست إيرلاينز لفرانس برس "لا نتوقع من موظفينا أن يضبطوا سلوك زبائننا"، والواقع أن الطواقم الجوية لا تملك القدرة على إلزام الركاب بالامتثال. ويقول مصدر قريب من شركة دلتا إيرلاينز، إنه لن يكون هناك شرطي في انتظار الراكب المتمنع عند هبوط الطائرة.
وعرضت شركة أميريكان إيرلاينز لطواقمها التدابير الواجب اتخاذها في مذكرة داخلية. وإذا اختار أحد الركاب عدم الالتزام بوضع الكمامة لسبب غير طبي أو ديني، فإن المذكرة تدعو أفراد الطواقم إلى "تشجيعه على الالتزام من دون تصعيد" الحادث.
والتوجيهات ذاتها تنطبق في حال أبدى أحد الركاب "استياء" لعدم التزام ركاب بجانبه، فعلى الطواقم الجوية إبداء بصيرة "لتسوية الوضع".
ويقول متحدث باسم ساوثويست إيرلاينز "خلال الوباء، علينا أن نعول إلى حد ما على المنطق وحس المسؤولية" لدى الركاب، ملمحا إلى أنه من غير الممكن فرض الالتزام بالتعليمات.
ففي مواجهة هذا الموضوع الذي يثير انقساما كبيرا، اختارت الشركات نهج التوفيق، ولو أدى ذلك إلى تواجد ركاب لا يضعون كمامات.
ويقول أستاذ علم الاجتماع والطب النفسي في جامعة فاندربيلت في ناشفيل جوناثان ميتزل "أعتقد أن هذا غير مسؤول إطلاقا. إذا كان شخص لا يضع كمامة، يجب توقيفه".
ويشدد على أن عدم وضع شخص كمامة في سيارته أمر، وامتناعه عن ذلك في وسيلة نقل عام ولا سيما طائرة مغلقة أمر آخر.
ووجه أصابع الاتهام إلى الرئيس دونالد ترامب قائلا "نجح الرئيس ترامب والجمهوريون في تحويل الكمامة إلى رمز سياسي على ارتباط وثيق بالعداء للأجانب والعنصرية وعوامل أخرى".
وهم برأيه يحفزون قاعدتهم "بشكل أساسي" حول فكرة أن وضع الكمامة "إشارة رضوخ" أو أن الذين يضعون كمامات "ضعفاء".
وتقوم بيث ريدبيرد من جامعة نورث وسترن منذ مطلع آذار بدراسة حول سلوك الأميركيين في ظل وباء كوفيد-19.
وتقول إن "الذين يشككون في جدارة دونالد ترامب يؤيدون التباعد الاجتماعي" ومن ضمنه وضع كمامات، في حين أن "المستقلين المؤيدين لترامب يشككون في هذه التدابير".
ومن جانبه دعا رئيس لجنة النقل في مجلس النواب الديموقراطي بيتر ديفازيو شركات الطيران إلى مضاعفة جهودهم على صعيد التباعد الاجتماعي، وحضها تحديدا على إبقاء "مسافة مقعد بين الركاب".