شفق نيوز/ ما ان اعلنت اللجنة الحكومية المكلفة بالتحقيق بأحداث التظاهرات في العراق النتائج النهائية امس الثلاثاء حتى بدأت بعدها ردود الافعال السياسية تتوالى حيث وجهت الكتل التي ابدت مواقفها انتقادات وتحفظا حيال تلك النتائج.
وكان ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس مجلس الوزراء السابق حيدر العبادي قد اعرب عن خيبة امله وتحفظه على نتائج التحقيق الحكومي بالتظاهرات التي حصلت بداية تشرين اول.
وانتقد "تيار الحكمة" المعارض بزعامة عمار الحكيم في وقت سابق من اليوم نتائج التحقيق النهائية، معلنا انه لن يشارك في تظاهرات يوم 25 من الشهر الجاري نزولا عن رغبة المحتجين المطالبين بعدم تسييس حراكهم.
من جهته عبر ائتلاف دولة القانون في بيان اليوم الاربعاء عن اسفه تجاه نتائج التحقيق واشار الى ان "التقرير المعد من اللجنة كان غامضا وملتبسا لأنه لم يستجب لتطلعاتنا لمعرفة مرتكبي هذه الأعمال الفظيعة".
وطالب البيان الحكومة "ألّا تعتبر هذه التقرير المخيب للآمال نهاية لعملية التحقيق وإنما بداية لمزيد من التحقيقات لكشف الملابسات وتسمية الاشياء بمسمياتها والابتعاد عن العموميات التي غيبت الحقيقة ولم تجب عن مطالب وتساؤلات الجميع وفي مقدمتهم المرجعية الدينية العليا التي كان موقفها حازما تجاه هذا الأمر".
من جهته دعا عضو مجلس النواب العراقي علي الصجري الى حل البرلمان لما تسبب بتفشي ظاهرة الفساد وسيطرة الكتل الحزبية التي تعمل على إدارة الحكومة وملئ قراراتها ومصالحها الفئوية والشخصية على حساب ابناء الشعب ، والدعوة لكتابة دستور، وتغيير النظام من برلماني الى رئاسي وان يكون دور البرلمان القادم رقابي لا تعسفي ولا سارق لخيرات البلاد وتحقيق مصالح كتله الحزبية .
وطالب الصجري "المتظاهرين السلميين الى رفع اصواتهم بقوة والمطالبة بحل البرلمان واجراء انتخابات رئاسية وتفعيل الدور الرقابي ومحاسبة الفاسدين" ، مضيفا ان "احد أسباب تعطيل عمل البرلماني هو فرض قرارات وسيطرة رؤساء الكتل على اغلبهم وهذا ما نرفضهً جملةً وتفصيلا" .
وشدد عضو "مجلس النواب على ضرورة ان تحافظ الأجهزة الامنية على ارواح المتظاهرين ، لان المتظاهرين مطالبهم شرعية وواجب تنفيذها وهي حق يقف ورائه جيلٌ شبابي غيور".
في غضون ذلك قالت جبهة الإنقاذ والتنمية انها اطلعت على التقرير النهائي للجنة الوزارية العليا للتحقيق عن كيفية سقوط اعداد كبيرة من الشهداء والمصابين في محافظة بغداد والمحافظات الأخرى ، وفي الوقت الذي تسجل أسفها العميق لمستوى التقرير وما توصل إليه من نتائج لا ترتقي إلى الحد الأدنى من فداحة الجريمة المرتكبة بحق شباب كانوا يهتفون للوطن ويطالبون بحقوقهم الشرعية ، فإنها تثبت الملاحظات الآتية :
١. حرمة الدم العراقي خط أحمر ليس لأحد إنكار حرمته وبخاصة عندما يتعلق الأمر بدماء شباب كل ذنبهم أنهم طالبوا بحقوقهم في ظل دولة ومنهج يعلن صبح مساء تمسكه بالديمقراطية والدستور وحقوق المواطنين .
٢. من الواضح أن اللجنة افتقرت للمنهجية في التعامل مع الأحداث والمناطق ، واعتمدت على اجراءات الوحدات الأمنية نفسها ، فغاب التناسب بين عدد المحالين إلى مجالس تحقيقية مع عدد الشهداء والجرحى ، والمناطق التي حدثت فيها التظاهرات . إن تشكيل المجالس التحقيقية لا يعني إدانة ولا اتهاما بل محض اجراء للبدء بالتحقيق ، وهو أمر كان من الواجب انجازه أثناء عمل اللجنة ليتقرر في ضوء نتائجه الإحالة إلى المحاكم من عدمها .
٣. التقرير يغفل عن عمد تأشير المسؤولية وبخاصة فيما يتعلق بالقيادات العليا من وزراء أمنيين أو القائد العام عن إراقة دماء بريئة ، ويؤكد عدم وجود أي أمر باستخدام الرصاص الحي ، وبما أن الرصاص الحي استخدم عبر حالات متكررة وفي محافظات عدة ، ما يعني أن المسؤولين على علم بما يحدث ، والسؤال لماذا لم تصدر الأوامر بوقف استهداف المتظاهرين ، وإذا ما صدر مثل هذا الأمر فمن هي الجهات التي تمردت على أوامر قيادتها ، وفي كل الأحوال لا يمكن عد الأمر تصرفا فرديا من مطلقي النيران .
٤. يؤشر التقرير أن 70% من الاصابات للقتلى استهدفت الرأس والصدر ، ويؤكد وجود موقع للقنص في أحد هياكل الأبنية دون الإشارة إلى هويته أو الجهة التي يتبع إليها ، ما يعني اغفال حقيقة مهمة تكشف أحد أمرين ، فإما أن يكون الأمر إخفاء تورط جهات معروفة للجنة أو استسهال التعامل مع حقيقة تتضمن استهانة بدماء قتى وجرحى عراقيين .
٥. استخدام الرصاص المطاطي القاتـل قضية تحتاج إلى بحث وتدقيق ، فهل هناك خطأ في استيراد هذا العتاد ، أم إنه خطأ في التدريب عليه .
٦. تناول التقرير موضوع استهداف القنوات الفضائية والاعتداء عليها ، وحصر ذلك بذكر أسماء خمسة أشخاص تم اطلاق سراحهم بكفالة ، مع العلم أن هناك تسجيلات للسيارات والأشخاص الذين هاجموا القنوات بهدف إسكات صوتهم وعدم نقل الجرائم التي ترتكب بحق المتظاهرين ، ولم يجب التقرير عن هوية هؤلاء وانتماءاتهم ، ومن أصدر الأمر في الاعتداء على وسائل الإعلام .
٧. إن كثيرا من التجاوزات والجرائم يمكن كشفها بسهولة عبر مراجعة تسجيلات الهواتف للمسؤولين المعنيين لمعرفة من أصدر أوامر ضرب المتظاهرين وقتلهم ، لكن التقرير لم يثبت للمتابع أنه بذل جهدا حقيقيا لمعرفة المسببين .
٨. إن الاستخدام المفرط للرصاص الحي وتكرر الممارسات في بغداد والمحافظات الأخرى وعلى مدى أيام يثبت أنه عمل منهجي لم يلقى من يمنعه على أقل تقدير ، ما يثير اسئلة جدية عن النتائج التي توصل إليها التقرير .
٩. لما سبق ترى جبهة الإنقاذ والتنمية أن هذا التقرير الهزيل رسالة سيئة لذوي الشهداء والجرحى وعموم الشعب الغاضب من الأداء السيء ، لذا تدعو رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة إلى رفضه وإحالة الوقائع إلى القضاء لإنصاف دماء العراقيين .
وابدى ائتلاف "الوطنية" بزعامة اياد علاوي استغرابه ما جاء في التقرير النهائي للجنة المختصة "بالاعتداء على المتظاهرين ويعده غير كافٍ ولا يتناسب مع حجم وعِظِم الاحداث التي رافقت التظاهرات خصوصاً ان التحقيق لم يكتمل بعد، بدليل تقديم المتهمين لتحقيق آخر، كما وان للقضاء كلمته بهذا الصدد".
، كما استغرب ايضاً ان تكون هذا اللجنة اصلاً برئاسة الأخ المحترم وزير التخطيط لأن سياقاتها ليست من اختصاصه، ان المرور على هذا الحدث الجلل دون تسمية الامور بمسمياتها، مرفوض شكلاً ومضموناً.
وقال الائتلاف "لقد تجاهل التقرير كذلك حالات الاعتداء التي تعرضت لها بعض المؤسسات الاعلامية، فضلاً على ان تقرير اللجنة يوجه اتهامات لبعض المتسببين في الاعتداء على التظاهرات غير كافٍ مطلقاً".
ودعا الائتلاف الى "محاكمة كل من ورد اسمه او من لم يرد اسمه في تقرير اللجنة بالاعتداء على المتظاهرين في محاكم علنية وامام الشعب لاعادة ثقة الشعب بالعملية السياسية وللتعرف على من اعطى الاوامر باطلاق الرصاص ولتبيان الحق من الباطل".
وكان المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي قد قال امس الثلاثاء ان رئيس الحكومة سيعتمد على نتائج اللجنة التحقيقية الخاصة باحداث التظاهرات، والتي اظهرت استخدام القوة المفرطة من القوات الامنية ضد المحتجين، كما اوصت باعفاء عدد من القادة الامنيين.
وقال الحديثي، لشفق نيوز، ان "رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي سوف يعتمد هذا التقرير في اتخاذ جملة قرارات فيما يخص مساءلة ومحاسبة وملاحقة كل جهة وشخص ثبت في التقرير انه ارتكب مخالفات قانونية او قصر في الاحداث التي وقعت خلال التظاهرات، او ارتكب اي شكل من اشكال الجرائم ضد المتظاهرين او ضد افراد القوات الامنية او ضد المال العام او الخاص".
وأضاف المتحدث باسم الحكومة العراقية ان "عبدالمهدي سيحيل المقصرين الى الجهات القضائية المختصة لإصدار العقوبات المناسبة بحقهم واتخاذ قرارات من اجل ارسال رسائل تطمين بان الحكومة العراقية عازمة للتصدي لكل شخص تسبب بسقوط ضحايا في التظاهرات".
واقرت اللجنة التحقيقية الوزارية الخاصة باحتجاجات العراق، باستخدام القوات الامنية القوة المفرطة تجاه المتظاهرين، مما ادى لسقوط 149 قتيلا واكثر من 4 الاف من المتظاهرين فقط.
وبحسب تقرير اللجنة، فان نسبة ضحايا الاحتجاجات الاكبر سجل في العاصمة بغداد بمقتل 107 واصابة 3458، ومقتل 4 عناصر من القوات الامنية وجرح 363.
واقرت اللجنة التحقيقية بالاستخدام المفرط للقوة والعتاد الحي وعدم ضبط اطلاق النار على المحتجين، وضعف قيادة وسيطرة للقادة الامرين، وقيام بعض المتظاهرين غير منضبطين بحرق مقرات امنية وحكومية وحزبية، وقيام بعض المتظاهرين بالقاء قنابل المولتوف باتجاه القوات الامنية.
وتابع ايضا ان حرق مؤسسات الدولة من قبل عناصر حرف الاحتجاجات عن طابعها السلمي، كما ان هيأة الاعلام والاتصالات لم تتخذ اجراءات بحق القنوات المحرضة التي تبث الكراهية، مؤكدا ايضا "لم تصدر اية أوامر رسمية من الجهات العليا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين".
واوصى تقرير اللجنة الوزارية التحقيقية، باعفاء قائد عمليات بغداد واحالته إلى مجلس تحقيقي، واعفاء نائب قائد عمليات بغداد، وقائد شرطة بغداد.
كما اوصى التقرير باعفاء قائد شرطة بابل، واعفاء قائد شرطة الناصرية، قائد شرطة الديوانية، قائد شرطة ميسان، قائد شرطة النجف، قائد الفرقة 11، قائد الفرقة الاولى شرطة اتحادية، آمر مشاة لواء 45، قائد عمليات الرافدين.