شفق نيوز/ "ذو اللحية البيضاء"، "الصندوق الأسود"، أو "أباعود الجديد"... أسماء كانت تبث الرعب في العراق وخارج حدود "دولة الخلافة" التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية، قبل أن تسقط ويسقط هؤلاء الجهاديون في قبضة القوات العراقية.
اليوم، يتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لوجوههم التي تبدو عليها ملامح الهزيمة، أو في وسائل إعلام تنشر صور "سيلفي" لجنود أثناء اعتقالهم الجهاديين، وأخرى للمعتقلين بملابس السجناء.
بعد استعادتها السيطرة على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق وأبرز معاقل التنظيم المتطرف في البلاد، بدأت القوات الأمنية عملية البحث عن الجهاديين.
وتأوي السجون في العراق حتى الآن نحو 20 ألف شخص يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وفق ما يقول باحثون.
وشملت عمليات البحث الأنقاض والأنفاق التي حفرها الجهاديون على مدى ثلاث سنوات إلى جانب مخابئ في المدينة ومحيطها.
داخل المدينة القديمة، وتحديدا قرب مسجد النوري الذي شهد الظهور العلني الوحيد لأبي بكر البغدادي، زعيم التنظيم الذي لا يزال متواريا عن الانظار، تمكنت قوات مكافحة الإرهاب من القبض على الرجل المعروف ب"الصندوق الأسود" لتنظيم الدولة الإسلامية.
"التسلسل الثالث"
بعدما أرسل انتحاريين وانغماسيين سعيا لصد تقدم القوات الحكومية في المدينة القديمة، لم يكن أمام نظام الدين الرفاعي خيار إلا "الاستسلام"، وفق ما يقول لفرانس برس المتحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب صباح النعمان.
عند خروجه من مخبئه تحت الأرض محاطا بجنود عاري الصدر فيما غطت وجهه لحية وشعر أبيض أشعث، سطرت نهاية قاضي قضاة "الخلافة" الذي سن القوانين على مدى سنوات في محاكم الجهاديين المعروفة بتشددها.
وأوضح النعمان أن التحقيق مع هذا الرجل المتحدر من الموصل وصاحب الأعوام الستين، "مستمر"، لأنه بالتأكيد أحد أولئك الذين يمكن أن يكشفوا للسلطات أسرارا كثيرة عن تنظيم الدولة الإسلامية.
وتؤكد مصادر أمنية واستخبارية أن المنصب الذي كان يشغله الرفاعي على رأس الهرم القضائي في التنظيم الجهادي، يجعله في موقع "التسلسل الثالث من ناحية الأهمية بين الجهاديين".
وتوضح أن "أبا بكر البغدادي درس على يده العقيدة والحديث".
المفتي أبو عمر الذي ظهر في إصدار "رجم المثليين" هو الشخصية الأخرى التي وقعت بيد السلطات العراقية والضليعة بأمور العقيدة لدى التنظيم أيضا، وله ألقاب عدة. إذ تطلق عليه أسماء "ذو اللحية البيضاء" أو "سفاح الموصل". يدعى عز الدين طه أحمد وهب، وكان مفتيا للموصل إلى حين "تحريرها".
وظهر وهب في إصدارات للتنظيم في ذروة سيطرتهم على المدينة، بلباس عسكري وبندقية كلاشنيكوف، وهو يقرأ حكم الإعدام عن طريق رمي المحكومين من السطح أو الرجم، على مجموعة من الفتية بتهمة المثلية الجنسية.
بعد ذلك، عثرت عليه السلطات مختبئا في منزل في مدينة الموصل وقد خفف لحيته، وانتشرت صوره في هذا المكان على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى محمد إبراهيم لفرانس برس إن "صاحب اللحية البيضاء اعتقل بناء على إخبار من مواطن في منطقة الفيصلية في شرق مدينة الموصل".
ويضيف "كان لا يخرج نهائيا من المنزل الذي يقطنه. كان يحبس نفسه داخل الدار، لكنه خرج في يوم إلى حديقة المنزل نهارا، فشاهده أحد الجيران، وتلقت الاستخبارات المعلومات، وعلى أثر ذلك تم اعتقاله".
"رميا بالأحذية"
ومذ ذاك الحين، صار "السفاح" حديث وسائل التواصل الاجتماعي. وعلّق أحدهم بالقول "هذا الرجل أرعب أهل الموصل. لقد رمى الناس بالحجارة حتى الموت، وعلى أهل الموصل تعليقه بميدان عام، وقتله رميا بالأحذية".
وإذا كان "ذو اللحية البيضاء" و"الصندوق الأسود" يعملان في إدارة الخلافة، فإن أبو حمزة البلجيكي كان يحضر للمستقبل.
وقاتل البلجيكي في كوباني في شمال سوريا وفي تكريت والرمادي ونينوى في العراق. كان مسؤولا عن تدريب "أكثر من ستين مما يسمى أشبال الخلافة الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية و13 عاما، على الرياضة والقتال"، وفق ما قال لمحققيه.
واختار البلجيكي لنفسه اسم أبو حمزة، وهو من أصول مغربية ويدعى طارق جدعون، وانضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2014.
شكل جدعون كابوسا لأوروبا من خلال دعوته من الموصل إلى ضرب فرنسا، فأطلق عليه اسم "أباعود الجديد"، نسبة إلى مواطنه عبد الحميد أباعود، أحد منفذي اعتداءات 13 نوفمبر عام 2015 في فرنسا.
ويقبع أبو حمزة البلجيكي اليوم في السجون العراقية بانتظار المحاكمة استنادا إلى ـ"قانون مكافحة الإرهاب" الذي بموجبه حكم على العديد من الجهاديين الأوروبيين بالإعدام.