شفق نيوز/ مر عام على اجتياح ما يسمى بـ "تنظيم الدولة الاسلامية" الموصل وتهديده لبغداد ولا تزال الولايات المتحدة حتى الان غير قادرة على الاعتماد على الجيش العراقي لدحر هذه القوات المسلحة. فإذا اراد الرئيس اوباما أن يكسر تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وإعطاء هذا البلد فرصة أخرى للبقاء، فعليه أن يساعد في تنظيم وتجهيز جيش كوردي حقيقي
حتى الان، رفض الرئيس اوباما اي مساعدات كبيرة للكورد بسبب سياسة "العراق الموحد" التي تتبعها وزارة الخارجية. ومما يثير مخاوف واشنطن هو ان تكون دولة كوردستان قوية وقد ينتهي الامر بمحاربتها الجيش العراقي على المناطق المتنازع عليها أو أعلان الاستقلال، الامر الذي يضع نهاية لسياسة الولايات المتحدة وتحريض تركيا ضد الدولة الجديدة.
في الوقت الحالي، قام تنظيم الدولة الاسلامية بإسقاط سياسة "العراق الموحد". حيث يستحوذ المسلحون الان على ما يقارب ثلث العراق. وعلى الرغم من ان القوات العراقية تظهر المزيد من الاستعداد للقتال مما كانت عليه عندما فروا من الرمادي في ايار، الا انهم لا يزالون يكافحون لاستعادة الاراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية. على العكس من ذلك، فان البيشمركة، وهم المقاتلين الكورد، أجبروا مسلحي الدولة الاسلامية على الانسحاب بنجاح كبير حيث كلفهم هذا 1500 شهيد وأكثر من 7000 جريح. ومن الواضح من ان تنظيم الدولة الاسلامية متخوف بشأن البيشمركة، حيث رد على هذا الانسحاب باستخدمه الاسلحة الكيميائية.
ان المكاسب التي حققها الكورد استثنائية نظراً لقلة الدعم الاميركي. حيث قامت الولايات المتحدة وحلفائها بتجهيز الكورد باسلحة قديمة وبضع العشرات من المركبات المدرعة بدون اي دبابات. وان رفض تزويد كردستان باسلحة متطورة جاء لسبب واحد وهو ان المقاتلين الكورد لم يخضعوا الى التدريبات الاساسية الكافية حتى الان. في الوقت نفسه، يستخدم تنظيم الدولة الاسلامية، وبدون اي ارشادات رسمية، اسلحة متطورة تم الاستيلاء عليها من الجيش العراقي.
الكورد الان يعرفون من ان الطريق الاسهل لكي يحصلوا على معدات أميركية متطورة هي بالاستيلاء عليها من تنظيم الدولة الاسلامية.
أضافة الى النقص في المعدات هناك نقص في التمويل. حيث ان العديد من البيشمركة يقاتلون بوقت جزئي لان رواتبهم منخفضة وتصرف لهم بشكل غير متكرر. وهذا ما يستنزف الروح المعنوية والفاعلية. كما فسر لنا أحد كبار القادة في وزارة البيشمركة في اربيل، حيث قال "إذا بقوا على الخطوط الامامية لمدة شهر كامل، فلن يستطيعوا حتى ان يطعموا عوائلهم".
ان الساسة الكورد يساندون قوات البيشمركة ايضاً، وهما الحزبان الرئيسيان في اقليم كوردستان، الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، الذين خاضا حرباً أهلية في التسعينيات وقسموا الاقليم الى حكومتين. على الرغم من ان الاطراف قد لُم شملها في أدارة الاقليم عام 2006، الا أن النتيجة كانت ترتيبات متوترة لتقاسم الحكم مع نزاعات طويلة حول أي انتقال في السلطة.
والاسوء من ذلك، يمارس الطرفان تأثيرات مختلفة على العديد من البيشمركة. على الرغم من انها خلقت الوية موحدة من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، حيث ان هذه الالوية تعمل الى حد كبير بشكل مشترك على الورق فقط. فعندما يبدأ القتال، علق احد الضباط ذوي الخبرة من ان جنود الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني يستجيبون في كثير من الاحيان الى قادة منفصلين.
أذا ارادت السياسة الاميركية أن تكون فعالة بشكل حقيقي، فعليها ان تقوم بأكثر من إعطاء اسلحة قليلة وتدريب محدود. بدلاً من ذلك، على الولايات المتحدة ان تساعد كوردستان لتنظيم وتدريب وتجهيز جيش كوردي غير سياسي. ومن الممكن ان تقوم الولايات المتحدة بذلك عن طريق زيادة كبيرة في الدعم لبرنامج وزارة البيشمركة الذي يُعنى ببناء وحدات غير حزبية.
يقضي هذا البرنامج من المتطوعين في هذه الوحدات ان يكونوا مستقلين وليسوا اعضاء في حزب ما. حيث تمكنت الوزارة في جمع لواء غير حزبي واحد، وتحتاج الى دعم اضافي لزيادة العدد في الوحدات.
يمكن للولايات المتحدة ان تحول هذه الالوية غير الحزبية الى نواة الجيش الكوردي الجديد من خلال توفير الاسلحة والتدريب اللازم لجعلها فعالة، مما يؤدي بدوره الى تشجيع المزيد للتجنيد.
ان المساعدة الاميركية للجيش الكوردي قد توفر لكوردستان استقراراً اكثر من خلال حرمان الساسة من السيطرة على الوحدات العسكرية. وكجيش مستقل سياسياً من شأنه ان يقلل خطر توجيه الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني اسلحتهم ضد بعضهم البعض مرة أخرى. علاوة على ذلك، فأن التدخل الاميركي في الجيش الكوردي سوف يبقي الكورد مركزين على تنظيم الدولة الاسلامية بدلاً من اي اجندة داخلية أخرى. وان تركيا يجب ان لا تكون مشكلة. حيث انها تقاتل حالياً سكانها الكورد، ولها علاقات وثيقة مع الكورد العراقيين. وعلى الرغم من ان تركيا لديها الكثير لتكسبه من دولة مستقرة ككوردستان – بالتأكيد، الا ان لديها علاقات تجارية وامنية قوية مع الكورد العراقيين – فيجب على الولايات المتحدة ان تقوم بدعم جيش كوردي عراقي مشروط بعدم المحاولة للأستقلال.
على اي حال، فأن الزعماء الكورد ليسوا في عجلة للحصول على الاستقلال. وان تهديد تنظيم الدولة الاسلامية هو تذكير وحشي بالمخاطر إذا ما سارت بهذا الشأن بمفردها. إضافة الى الاقتصاد الضعيف وغرق كوردستان باللاجئين فان جيرانها لن يتسامح بقضية انفصالها عن العراق.
ونظراً لما حققه الكورد بالفعل مع القليل مما لديه، فأن جيشاً كوردياً مدرباً ومجهزاً بشكل صحيح قد يلحق ضرراً كبيراً على تنظيم الدولة الاسلامية. هذا من شأنه ان يمنع تنظيم الدولة الاسلامية من ترسيخ سيطرته على شمال غرب العراق وتخفيف الضغط على الحكومة العراقية. الاهم من ذلك انه ينبغي ان يوفر هذا الامر لرئيس الوزراء حيدر العبادي متنفساً يحتاجه لإصلاح وإعادة بناء قواته بشكل صحيح.
ومع التدخل العسكري الروسي الذي يزداد في الشرق الأوسط، فأن الرئيس أوباما بحاجة إلى تعزيز حليفه الكوردي، الذي أثبت التزاما أصيلاً في حملة مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق. حيث ان الجيش الكوردي القادر على محاربة تنظيم الدولة الاسلامية بصور اكثر جدية هو السبيل الوحيد لتحقيق النصر من دون إرسال جنود امريكيين الى ساحة المعركة.
اليزا ماركوس و أندرو ابوستولو – نيويورك تايمز
ترجمة: رنين الهندي