شفق نيو/ في مخيم بالقرب من الموصل علقت على الحائط صورة لطفلة عمرها ثلاثة أعوام انتزعها من على صدر أمها رجال تنظيم الدولة الإسلامية عندما اجتاحوا بلدتها المسيحية قبل عامين وعليها نداء يائس من أبويها.
وتحث العبارة المكتوبة على الملصق المعلق بمخيم النازحين أي شخص لديه معلومات عن الطفلة كريستينا عزو أبادا الاتصال بالرقم المعلن.
ولا يعرف شيء يذكر عما حدث لكريستينا منذ اختطافها لكن أسرتها تفترض أنها نقلت إلى الموصل وتدعو الله أن تعثر عليها وسط عشرات الآلاف من الفارين من المدينة الآن.
ويواصل الأبوان مشاهدة التلفزيون بصفة مستمرة على قناة تتابع تقدم قوات الأمن العراقية في قتالها لاستعادة المدينة من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية.
وتجاور صورة كريستينا على الحائط صورة للمسيح.
قالت الأم عايدة نوح التي تعطي الهالات السوداء حول عينيها تعبيرا مخيفا “نرجو أن تكون على قيد الحياة. ربما يأتي بها أحد ويبحث عنا ويتصل. الله أعلم.”
وحالة كريستينا استثنائية. فرغم أن من المعروف عن التنظيم وحشيته وخطف آلاف الرجال والنساء والأطفال من الأقلية الايزيدية فقد واجه المسيحيون إنذارا مختلفا في ظل حكم المتشددين: إما الجزية أو اعتناق الإسلام أو الموت بحد السيف.
فر أغلب المسيحيين لكن بقي حوالي 30 في مدينة قرة قوش المسيحية الواقعة على مسافة 15 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من الموصل ومنهم الأبوان مع كريستينا أصغر بناتهن.
وندم الأبوان على هذا القرار لكن لم يكن واضحا في البداية كيف سيعاملهم المتشددون وقالت الأم إنها تتوقع أن تستعيد قوات الأمن العراقية السيطرة على المدينة في غضون أيام.
ومع ذلك فقد أرسل الاثنان أبناءهم الأربعة الأكبر إلى بر الأمان في المنطقة الكوردية القريبة كإجراء احترازي.
ومر 20 يوما في قرة قوش ظلت فيها كريستينا وأبواها في البيت خوفا من المتشددين ذوي الملابس السوداء الذين زاروهم وطلبوا منهم اعتناق الإسلام لكنهم قدموا لهم الطعام والماء عندما طلبوا ذلك.
وفي 22 أغسطس آب 2014 أصدر المتشددون تعليمات تقضي بأن يتجمع كل المسيحيين الباقين في مستشفى محلي لإجراء فحوص طبية وانصاعت عايدة وزوجها للتعليمات.
لكن لم تجر أي فحوص وبعد فترة وجيزة أمرهم المتشددون بركوب حافلة صغيرة تنتظر في الخارج وكانت نوافذها ملطخة بالطين لمنع الركاب من رؤية ما بالخارج ومنع أي أحد من رؤية ما بداخلها.
وفتش المتشددون الذين قالت عايدة إنهم من عرب المنطقة المجموعة المكونة من حوالي 30 مسيحيا بحثا عن المتعلقات الثمينة وأخذوها ثم فصلوا أربعة أفراد عن المجموعة قبل أن يدفعوا الباقين إلى الحافلة.
وجلست عايدة وكريستينا على حجرها وكانت ترضعها عندما صعد أحد المتشددين وانتزع الطفلة منها.
وجرت عايدة وراء الرجل وهو ينزل من الحافلة وراحت تتوسل إليه “من يرعاها؟ هي محتاجة لي.” فقال إنه ينفذ أوامر من أميره أي قائده قبل أن يختفي بها في المستشفى ويمنعها من الدخول.
وظلت الأم تتوسل وفي النهاية خرج الأمير من المستشفى وهو يحمل كريستينا وكانت تبكي.
وقالت عايدة وهي تتذكر ما حدث “طلبت منه أن يعيدها لي. فلم يتكلم وأشار لي بعينيه أن أعود إلى الحافلة.”
وعندما اعترضت هددها المتشددون في البداية ثم اقتادوها قسرا إلى الحافلة التي انطلقت بهم إلى أرض بور على مشارف المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وأنزلت المجموعة بالكامل هناك.
وكانت تلك آخر مرة ترى فيها عايدة ابنتها.
وفي الأيام التي تلت اختفاء كريستينا اتصل الأبوان ببعض العرب من المنطقة الذين تربطهم صلات بالتنظيم فقالوا لهما إنها تعيش مع أسرة وفي أيد أمينة.
ثم انقطع الاتصال. ولم تسفر الجهود الأخرى التي بذلت لتتبع الطفلة عن نتيجة رغم أن البعض تكهن بأنها انتهى بها الحال إلى ملجأ للأيتام تابع للدولة الإسلامية.
وليس من الواضح لماذا خطف المتشددون كريستينا التي يبلغ عمرها الآن خمس سنوات.
وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي عادت الأسرة إلى قرة قوش للمرة الأولى منذ رحيلها عنها قبل أكثر من عامين.
وفي طريق العودة توقفت السيارة وخرج منها والد كريستينا كفيف البصر وسمع صوت طفلة صغيرة وقال:
“سمعت ‘بابا بابا‘. وناديت ‘كريستينا كريستينا لكنها لم ترد‘.”