شفق نيوز/يقع الكثيرون ضحية للأخبار والصور المفبركة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تفرز عنها نقاشات حادة وتبادل الشتائم وعبارات الكراهية مثل التضامن مع إسرائيل والجدل حول الامتحانات الدراسية التي شغلت العراقيين.
في تموز/يوليو الماضي اندلعت ازمة بين الفلسطينيين والاسرائيليين على خلفية هجوم نفذه ثلاثة شبان فلسطينيين في مدينة القدس وأسفر عن مقتل شرطيين أعقبه اقدام السلطات الإسرائيلية على غلق المسجد الاقصى امام المصلين لأيام شهدت اشتباكات واحتجاجات من قبل الفلسطينيين.
كان لهذه الاحداث صدى واسع بين البلدان العربية، ولكن صداها في العراق كان مختلفا وغير متوقع خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي اذ انتشرت صور ومنشورات متعاطفة مع إسرائيل وليس الفلسطينيين، تتضمن تأييد الاجراءات التي اتخذتها السلطات الاسرائيلية.
التعاطف جرى عبر انتشار صور قيل إنها لعراقيين وهم يرفعون أوراقا صغيرة كتبت عليها كلمات تأييد لإسرائيل دون أن يكشف هؤلاء عن هويتهم او وجوههم او أسمائهم.
إحدى الصور المثيرة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كان لها وقع كبير بين العراقيين والسبب تضمنها رموزا دينية، وتبدو الصورة لشخص لا يظهر وجهه وهو يحمل دفترا مكتوبا على إحدى اوراقه "شالوم، انا مع اسرائيل"، والشيء المثير الذي استفز العراقيين هو ان مكان الصورة في كربلاء قرب مرقد الامام الحسين بن علي احد ابرز الرموز الدينية الشيعية.
وتبين أن الصورة انتشرت للمرة الأولى في وسائل الأعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في كانون الثاني/يناير 2017، أي قبل الأحداث الأخيرة في مدينة القدس بستة أشهر، ونشرت وسائل إعلام محلية وعربية الصورة وتبعتها تعليقات كراهية ضد العراقيين.
المفاجأة الاخرى، ان الصورة في الأصل ليست حقيقية وإنما تم مونتاج الكتابة الموجودة على الورقة عبر برنامج فوتوشوب، اذ سبق وان انتشرت الصورة نفسها قبل ثلاثة أعوام وكتب عليها عبارة تؤيد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عندما هاجم العراق في صيف عام 2014.
كتب على الصورة الحقيقية عبارة "من جنود الخلافة في كربلاء إلى اخوتنا في المحافظات الأخرى. دولة الخلافة باقية".
صورة اخرى استحوذت على الرأي العام داخل العراق وخارجه، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهر ضابطا في قوات "جهاز مكافحة الارهاب" برتبة ملازم بدون ان يظهر وجهه، ووضع على كتفه الأيسر ورقة كتب عليها "من العراق جهاز مكافحة الإرهاب متضامن مع الشعب الإسرائيلي، حبي لكم، الملازم ابو ضرغام".
وحصدت الصورة العديد من المنشورات وردود الأفعال والنقاشات الحادة خصوصا بعدما قامت صفحة "اسرائيل تتكلم بالعربي" بنشر الصورة.
ونشرت وسائل اعلام محلية الصورة دون التأكد من حقيقتها. ومصدرها الوحيد كان مواقع التواصل الاجتماعي، ومن وسائل الاعلام التي نشرت الصورة:
كما ان صفحة اسرائيلية نشرت الصورة ولاقت العديد من ردود الأفعال عبر مئات التعليقات بعضها لعراقيين اتهموا جهات خفية بالوقوف وراء نشر الصورة لتشويه سمعة القوات الأمنية العراقية.
وبعد التحقق من مضمون الصورة، تبين أن الصورة حقيقية وغير ممنتجة عبر برامج الفوتوشوب، ولكن على ما يبدو أن الصورة تم تمثيلها من قبل شخص وليس ضابطا حقيقيا في جهاز مكافحة الارهاب، اذ ان الحصول على الزي الرسمي لتشكيلات القوات الأمنية العراقية ليست مهمة صعبة وتباع هذه الملابس في الاسواق العامة في بغداد وباقي المحافظات.
وعلى عكس الزي الرسمي لعناصر قوات جهاز مكافحة الإرهاب، فان الشعار الدائري الذي يتضمن اسم "جهاز مكافحة الإرهاب" مع العلم العراقي في الصورة كان على الكتف الأيسر، بينما في الزي الرسمي فيوضع هذا الشعار على الكتف الأيمن.
وأكد الخبير في الشؤون العسكرية العراقية فاضل ابو رغيف ذلك ايضا، وقال ان "الصورة التي انتشرت تهدف الى تشويه سمعة جهاز مكافحة الارهاب، والدليل على زيف الصور هو شعار الجهاز على الجانب الأيمن وليس الأيسر، كما ان المسدس الذي يستعمله جهاز مكافحة الإرهاب ليس مسدس كلوك كما ظهر في الصورة".
تصحيح دفاتر الامتحانات
بعد اعلان وزارة التربية الشهر الماضي نتائج الامتحانات الدراسية للمرحلة الثانوية في العراق لسنة 2017 بنسبة نجاح 28% وهي أدنى نسبة في البلاد منذ سنوات، تناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمعلم وهو يقوم بتصليح الدفاتر المدرسية بطريقة متعجلة ودون تدقيق، وقال الناشطون ان سبب نسبة النجاح المتدنية هي سوء التصحيح واستعجال المعلمين في تصحيح الدفاتر الامتحانية.
ويظهر مقطع الفيديو احد المصححين معاق اليدين يقوم بتصحيح دفاتر امتحانية بشكل فوضوي وسريع.
وانتشرت المئات من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر تتضمن مقطع الفيديو مع تعليقات تقول ان مقطع الفيديو جديد ويمثل فضيحة لوزارة التربية وهو السبب في تدني نسبة النجاح هذا العام، كما ان آلافاً من العراقيين على مواقع التواصل صدقوا ذلك وانهالت تعليقات تتهم وزارة التربية بالفشل.
وبعد التحري عن مقطع الفيديو تبين انه قديم ويعود للعام 2012 وليس في العام الحالي، وتم نشره على موقع اليوتيوب للمرة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 بواسطة حسين الكريمي من محافظة ذي قار.
وقال الكريمي ان حصل على مقطع الفيديو قبل سنوات من خلال احد المنتديات التي كان يديرها "رنين القلوب"، وان الفيديو وصل عبر البريد بواسطة احد المتابعين طالبا نشره على انه تعسف ضد الطلبة.
مدير الامتحانات والتقويم في وزارة التربية نعمة حربي أكد أيضا أن "الفيديو قديم وليس حديثا ويعود الى عام 2012 يظهر فيه المعلم طارق عبدالوهاب مدرس مادة الإسلامية في متوسطة الانتفاضة للبنين -تربية الكرخ الاولى وكان يقوم بتصحيح الدفاتر الامتحانية لطلاب الثالث متوسط وليس الإعدادية".
وأضاف حربي أن "وزارة التربية أصدرت بحقه عقوبة العزل في حينها كما عوقب آخرون بسببه"، وأضاف ايضاً ان "نشر الفيديو يتجدد في كل عام ويتداوله الكثير على مواقع التواصل الاجتماعي دون التأكد من تفاصيله وقد يكون هدفهم التشهير ونشر الشائعات او الجهل او بدافع الشهرة لكسب المعجبين والمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي".
بيع اسئلة الامتحانات
خلال أيام الامتحانات الدراسية العامة في العراق تنتشر العشرات من الصفحات المجهولة المصدر على فيسبوك تخصص نفسها على انها تقوم ببيع أسئلة الامتحانات قبل يوم او يومين من موعدها مقابل الحصول على اموال.
وتلجأ وزارة التربية في كل عام الى الطلب من هيئة الإعلام والاتصالات بقطع خدمة الانترنت خلال ساعات الامتحان، وهو ما يحصل فعلا في كل عام، اذ تنقطع الخدمة في عموم البلاد منذ فجر يوم الامتحان وحتى بعد انتهائه في الساعة العاشرة او الحادية عشرة ظهرا، وهو مؤشر صريح لفشل الوزارة في حفظ سرية الأسئلة.
ولكن العشرات من الصفحات المجهولة المصدر على فيسبوك تقوم باستغلال ذلك، عبر الاعلان على صفحاتها عن امتلاكها الأسئلة الامتحانية قبل موعد الامتحان بساعات او منتصف ليلة يوم الامتحان، وتقوم هذه الصفحات ببيع الأسئلة الى الطلبة مقابل اموال.
اما عملية البيع والشراء فتتم عبر مطالبة أصحاب هذه الصفحات من الطلبة بإرسال كارتات تعبئة للموبايل بقيمة 5 او 10 دولار، اذ لا توجد في العراق خدمة واسعة في استخدام الفيزا كارت وباقي أدوات الدفع الالكتروني، ويرفض القائمون على هذه الصفحات اللقاء بشكل مباشر مع الطلبة لتسلم الأموال خشية القاء القبض عليهم من قبل القوات الأمنية.
وبعد شراء الطلبة الأسئلة الامتحانية يكتشفون لاحقا أنهم تعرضوا للخداع من قبل هذه الصفحات، إذ وجدوا أن الأسئلة الامتحانية التي قاموا بشرائها غير متطابقة مع الأسئلة التي وردت في يوم الامتحان.
بعد اكتشاف الخدعة يقوم القائمون على هذه الصفحات بالغاء الصفحة على فيسبوك ومسح المنشورات الاعلانية التي تروج للأسئلة الامتحانية، ولكن تم العثور على بعض هذه الصفحات التي ما زالت منشوراتها موجودة.
ومثلا قامت صفحة اسمها "تسريب الاسئلة الامتحانية 2017" بنشر صور عبارة عن ورقة امتحان تقليدية يظهر منها فقط الجزء الأعلى لموضوعي الأحياء للقسم العلمي والتاريخ للقسم الأدبي، تتضمن شعار وزارة التربية مع الساعات المخصصة للامتحانات اضافة الى وضع العام الحالي 2017 لإقناع الطلبة بانها أسئلة حقيقية للعام الحالي.
ومن خلال فحص الصور تبين انه تم التلاعب بها عبر "الفوتوشوب" اذ أن الساعات المخصصة للاجابة عن موضوعي التاريخ والاحياء هي ثلاث ساعات كما هو متعارف عليه منذ سنوات، بينما في الصور التي وردت في صفحات الفيسبوك هي ثلاث ساعات ونصف، ومادة اللغة العربية هي المادة الوحيدة التي يكون فيها موعد الإجابة ثلاث ساعات ونصف، اذ قامت هذه الصفحات باستخدام الجزء الاعلى من أسئلة امتحانات اللغة العربية الذي كان قبل ايام من موعد امتحانات التاريخ والأحياء واستبدال عبارة مادة العربي بمادتي الاحياء والتاريخ.
وللتأكد أكثر تم الحصول على نسخ من الأسئلة الامتحانية الحقيقية لمادتي الأحياء والتاريخ واللغة العربية المخصصة لهذه السنة، وكان توقيت الامتحان ثلاث ساعات لمادتي الاحياء والتاريخ، بينما كانت ثلاث ساعات ونصف لمادة اللغة العربية كما عرضتها تلك الصفحات على فيسبوك. (نقاش)