شفق نيوز/ تباينت التقديرات حول حجم تنظيم داعش تحديدا في سوريا والعراق، معقل التنظيم، وكشفت تقارير استخباراتية بأن تنظيم "الدولة الاسلامية" يصل تعداده الى مايقارب 180 الف عنصر، لكن ليس بالضرورة جميعهم عناصر مقاتلة او منظمة.
وبحسب تقرير"دايفيد جارتنشتاين روس" الباحث في مؤسسة الدفاع من أجل الديمقراطية، فأن التقديرات تشير إلى تراوح عدد مقاتلي داعش، ما بين 100 و200 ألف مقاتل، معتبرًا أن هذه الأرقام منطقية للغاية، لتنظيم يسعى للسيطرة على العراق وسوريا.
وكشفت ادارة البيت الابيض خلال شهر يونيو 2015، بأن طيران التحالف والعمليات الخاصة للبنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية استطاعت قتل مايقارب 10 آلاف مقاتل من "الدولة الاسلامية"، إلا أن تلك التصريحات كانت تتناقض مع تصريحات لمسؤوليين امريكيين اخرين حيث صرح قائد القوات الجوية الأمريكية، الجنرال "هيربيرت كارليسلي"، بأنه تم قتل 13 ألف مقاتل.
وهذا يعكس حقيقة بأن الاستخبارات المركزية واستخبارات غربية مازال ينقصها الكثير من التفاصيل حول هذا التنظيم من الداخل، بسبب نقص الجهد الاستخباري وغياب تواجدها على الارض أمام منظمة وصفت بأنها مؤسسة عسكرية امنية اكثر من جماعة متطرفة.
وهذا ما دفع موقع "ديلي بيست" الإلكتروني، لان يرفض تقديرات مسؤولي إدارة أوباما حول العدد الكلي للقتلى، مضيفا بأنهم لا يستطيعون التأكيد بأن ذلك الرقم صحيح، في غياب وجود قوات برية، سواءً في العراق أو في سوريا، لتقييم نتائج الضربات الجوية، كما لا يستطيع أولئك المسؤولون تقدير وقع تلك الخسائر البشرية على قوة التنظيم.
ويتفق مستشار ألجيش الأمريكي الكولونيل المتقاعد "ديريك هارفي" مع مضمون موقع "ديلي بيست" قائلا إن تلك ألاعداد غير مؤكدة ولا يمكن اعتمادها. وتشير تقديرات موقع "ديبكا" الاستخباراتى الإسرائيلي، أن عدد أفراد تنظيم "الدولة الاسلامية" في سيناء وحدها يصل الى 500 عنصرا.
تسمية "الولايات"
أعلن تنظيم "الدولة الاسلامية"بعد سيطرته على مساحات واسعة في العراق وسوريا، عن تأسيس ولاية باسم "ولاية الفرات"، التي تضم ولاية "البوكمال" السورية و"القائم" العراقية. وتعتبر "ولاية الفرات" التي أسسها التنظيم في مناطق سيطرته هي "الولاية الأولى" التي يضم فيها التنظيم مناطق من سوريا والعراق معاً بعد من قيامه بإزالة الحدود بين سوريا والعراق إبان سيطرته في بداية شهر يوليو 2014.
وقام بتغيير اسم محافظة "دير الزور" السورية إلى "ولاية الخير" ومدينة "دير حافر" في ريف حلب الشرقي إلى اسم "دار الفتح" وقام ايضاً بتغيير اسم مدينة "مسكنة" التي يسيطر عليها أيضا في ريف حلب الشرقي إلى اسم "مسلمة". لكنه لم يغير اسماء بعض المحافظات والمدن التي يسيطر عليها في العراق وأبقى ايضا اسماء بعض المدن التي يسيطر عليها في سوريا دون تغيير كمدينة الرقة ومدن الباب ومنبج وجرابلس التي يسيطر عليها التنظيم في ريف حلب الشرقي.
وسيطر تنظيم "الدولة الاسلامية" على مدينة تدمر التاريخية في سوريا خلال شهر مايو 2015، ليفرض التنظيم سيطرته على نصف أراضي سوريا. رغم ان بعض التقديرات تقول بانه يسيطر فعلا على مساحات واسعة في سوريا لكن غالبيتها لا تمثل كثافة سكانية ماعدا الرقة واكد ذلك "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وخسر التنظيم مدينة كوباني والحسكة في شمال البلاد أمام القوات الكوردية.
اما في العراق فما زال التنظيم يسيطر بشكل كامل على محافظة الموصل، المعقل الثاني بعد الرقة السورية، ويفرض التنظيم سيطرته على غالبية المدن والقصبات في محافظة الانيار، الرمادي العراقية.
"الدولة الاسلامية"تسيطر على محافظة الانبار
يسيطر التنظيم على مايقارب 40 مدينة تابعة الى محافظة الانبار ماعدا خمس مدن وهي قضاء حديثة الذي يضم واحدًا من أكبر السدود المائية في العراق، وناحية البغدادي التي تكتسب أهميتها من قربها من قاعدة عين الأسد الجوية التي يوجد بها مستشارون أميركيون يدربون القوات العراقية، وناحية النخيب المتاخمة لمحافظة كربلاء وناحية عامرية الفلوجة، وناحية الحبانية التي تضم قاعدة الحبانية الجوية التي يوجد فيها هي الأخرى مستشارون أميركيون. ويفرض التنظيم سيطرته على قضاء تلعفر 380 كلم شمال بغداد على الضفة اليمنى لنهر دجلة المحاذية للحدود التركية السورية، هذه المدينة لها دلالات كثيرة عند التنظيم، كون ان بعض قادة التنظيم تنحدر من هذه المدينة ابرزهم ابو مسلم التركماني، فاضل الحيالي و أبو علاء التلعفري، نائب البغدادي. لكن التنظيم خسر االطريق المؤدي إلى ناظم تقسيم، قرب بحيرة الثرثار، ما بين محافظتي الأنبار وصلاح الدين، بالإضافة إلى معقله في محافظة صلاح الدين وجرف الصخر في محافظة بابل والضلوعية في محافظة صلاح الدين، ثم مناطق سنجار شمال الموصل والمقدادية في محافظة ديالي، حوض حمرين.
أعلنت الولايات المتحدة من أن "الدولة الاسلامية" خسر ما يقارب 700 كلم مربع من الأراضي في العراق خلال عام 2015، بعد إجمالي 55 ألف كيلومترًا مربعًا سيطر عليها عام 2014، واستعادت غالبيتها القوات العراقية والكوردية في شمال العراق بنحو 56 الف كلم مربع، فيما تسيطر القوات العراقية على 77 ألف كلم مربع. وفي هذا السياق اعلن "البنتاجون" أن "الدولة الاسلامية" خسرت من 25 إلى 30 % من الأراضي في العراق، منذ بدء الضربات الجوية من قبل التحالف الدولي.
ربط المدن بخطوط امدادات واتصالات
إن الطريقة التي ينتشر فيها التنظيم على مساحة العراق وسوريا، يبدو انها موزعة مناطقيا، اي هنالك قيادات مناطقية محلية موزعة مابين ادارة العمليات العسكرية وادارة شؤون المدن والولايات و الشرعيين الذين يطلقون الفتاوى، وهذا يعني ان التنظيم يتبع نظام ادارة واحد في أغلب المدن التي يسيطر عليها، ويستنسخ هذه التجربة من الادارة سواء كانت ادارة مدنية او قيادة العمليات العسكري. لذا ماتشهده بعض المدن والمواقع من تراجع داعش ربما لا تمثل حال بقية المدن التي يسيطر عليها. التنظيم يتراجع بشدة في بعض المدن لكن يندفع ويحقق تقدم عسكري في مواقع اخرى وهذا مايؤكد اعتماد التنظيم القيادة المحلية المناطقية .
وكان واضحا من إستراتيجية التنظيم منذ البدء، بأنها تقوم على رسم خارطة مدن متواصلة بخطوط اتصالات وامدادات مابين المدن في العراق وسوريا رغم المسافات البعيدة. فألتنظيم نجح بربط المدن مما سهل سرعة الحركة والتنقل من الرقة السورية على سبيل المثال الى الانبار مارا بمدينة دير الزور السورية ثم مدينة القائم العراقية ومدينة الانبار، وفي اتجاه اخر نجح التنظيم بمد اتصالاته مابين مدينة جرابلس السورية شمال غرب سوريا عبر مدينة الموصل العراقية ليصل الى صلاح الدين العراقية وحوض حمرين، مدينة ديالى شمال شرق بغداد.
وتعتبر خسارة التنظيم الى مدينة صلاح الدين العراقية ومدينة كوباني مطلع عام 2015، ضربة قوية للتنظيم، خسر فيها بعض ممراته الامنه الى تركيا والى امداداته من الشمال مع مدينة الانبار.
ومازاد في تراجع التنظيم خسارته الى ذراع دجلة، بحيرة الثرثار التي تعتبر خط امداداته مابين الموصل والانبار. التنظيم الان يتمترس في محافظة الانبار العراقية، التي تشهد مواجهات قوية مابين التنظيم والقوات العراقية، وأحتمالات خسارة التنظيم الى مدينة الانبار ممكن ان تعلن البدء بعمليات استعادة مدينة الموصل العراقية التي تمثل معقل ومركز خلافة التنظيم. تبقى إستراتيجية مواجهة تنظيم "الدولة الاسلامية" عسكريا ناقصة بدون تقطيع اوصال جغرافية ألتنظيم وقطع واعتراض خطوط الامدادات والمواصلات .
جاسم محمد ، باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات