شفق نيوز/ شهد العراق في 2015 حصادًا أقل دموية عن 2014 الذي ظهر فيها تنظيم داعش الإرهابي، ورغم ذلك لم تسلم بغداد من أعمال التنظيم الإرهابية، الذي تمدد مستغلًا الهشاشة في السيطرة على مناطق كثيرة.
كما شهد العراق أيضا فى العام الذي أوشك على الانقضاء، تحديات اقتصادية وسياسية كثيرة، بدءًا من الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد؛ بسبب تهاوي أسعار النفط التي صاحبها مظاهرات عديدة تطالب بحزمة من الإصلاحات، مرورًا بتحركات رئيس الحكومة العراقي، حيدر العبادي، لوضع حد للفساد الذي طال المؤسسات العراقية.
المعارك العسكرية
تمحورت المعارك العسكرية بين القوات العراقية والبيشمركة وقوات الحشد الشعبي من جهة ضد تنظيم داعش الإرهابي، ومن جهة أخرى في محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالي وكركوك ونينوي في هذا العام، فشهدت المحافظات المذكورة تطورات عديدة ومعارك مستمرة.
تعتبر محافظة نينوى مركزًا لداعش، فسيطر التنظيم الإرهابي على الموصل مركز المحافظة 10 يونيو عام 2014، كما سيطر خلال أغسطس من العام ذاته على سد الموصل شمالي المدينة، التي تمكنت قوات البيشمركة فيما بعد من استعادة الاخيرة، لكن التنظيم لا يزال يحصل على نحو 7 آلاف برميل نفطي يوميا من حقل القيارة جنوب الموصل.
ويسيطر التنظيم حاليا على مدينة الموصل بشقيها الأيمن والأيسر، وقضاء تلعفر وسهل نينوى غربي الموصل ذات الغالبية التركمانية والشبكية، وتتولى قوات البيشمركة بدعم من التحالف الدولي استعادة المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في نينوى، دون مشاركة القوات الحكومية، ولا قوات الحشد الشعبي.
وأما محافظة كركوك التي سقط جنوبها ويضم قضاء الحويجة وناحيتي الزاب والرياض وتسكنها أغلبية عربية سنية، وقعت تحت سيطرة داعش بالتزامن مع الموصل في يونيو الماضي العام الماضي، لكن عادت قوات البيشمركة، وتمكنت وبدعم من التحالف الدولي من استعادة السيطرة على حقل خباز وتحرير مبنى شركة نفط الشمال.
وحاليا، يحكم داعش سيطرته على نحو 20% من مساحة المحافظة المتنازع عليها بين السلطات الاتحادية «الحكومة العراقية المركزية»، وسلطات إقليم كوردستان، وتتقاسم قوات الجيش العراقي التابعة لقيادة عمليات صلاح الدين وقوات البيشمركة الكوردية، النفوذ والتصدي لهجمات تنظيم داعش، ضمن المنطقة الغربية لكركوك، دون مشاركة قوات الحشد الشعبي.
وفي نفس الإطار، تعتبر محافظة صلاح الدين محور المعارك العسكرية التي تشهدها العراق في الفترة الأخيرة، فبعد شهر من سيطرة داعش على مدن المحافظة، أبرزها قضاء الشرقاط ومدينة تكريت مركز المحافظة وقضاء بيجي الذي يضم أكبر مصفاة للنفط وناحيتي العلم والدور، أحكم سيطرته على نحو 50% من مساحة المحافظة، إلا أنه مع بدء عمليات تحريرها في بداية 2015، خسر الكثير من مواقعه، وعلى رأسها تكريت، التي تمكنت القوات العراقية مدعومة بالحشد الشعبي وقوات التحالف الدولي، من إنهاء سيطرة التنظيم عليها في نهاية مارس الماضي، كما خسر داعش ناحيتي العلم والدور وحقول نفط شمال المحافظة، بالإضافة إلى قضاء بيجي، ولايزال التنظيم يحتفظ بنحو 10% من مساحة المحافظة في المنطقة الشمالية من تكريت، التي تضم قضاء الشرقاط وبعض المناطق التابعة لقضاء بيجي، وتتولى قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي ومقاتلي العشائر السُنية في المحافظة التصدي لهجمات داعش.
في محافظة الأنبار، الوضع كان مشتعلًا، فتعتبر الفلوجة كبرى مدن المحافظة، أول منطقة يتم السيطرة عليها من قبل داعش العام الماضي، وحقق التنظيم تقدما سريعا على حساب قوات الجيش العراقي، وفرض سيطرته على أقضية عانه والرطبة وراوه والقائم، بالإضافة إلى المنفذ الحدودي مع الجانب السوري، كما تمكن التنظيم في شهر مايو الماضي، من ضم مدينة الرمادي، التي تعد مركز المحافظة، إلى المناطق الخاضعة تحت سيطرته، ليتسع نفوذه بذلك إلى 90% من مساحة الأنبار، والتي تمثل وحدها ثلث مساحة العراق.
وتسيطر القوات الحكومية على قضاء حديثة غربي الرمادي، وناحية البغدادي، وناحية الحبانية، ومناطق شرقي الرمادي، إلى جانب منطقة الثرثار، ومؤخرا عززت السلطات الأمنية الاتحادية تواجدها قرب الرمادي استعدادا لما قالت إنه خطة استعادة المدينة.
في محافظة ديالى، أحكم تنظيم داعش السيطرة عليها في أغسطس 2014 من العام الماضي، بعد سيطرته على ناحيتي السعدية وجلولاء وسلسلة جبال حمرين وأطراف ناحية المقدادية، وقطعوا الطريق الدولي الرابط بين كوردستان والعاصمة بغداد، لكن ما لبثت قوات الجيش العراقي والبيشمركة والحشد الشعبي من استعادة السيطرة على هذه المدن مرة أخرى، وأعلنت الحكومة المحافظة رسميا خالية من نفوذ داعش في يناير الماضي.
الأزمة الاقتصادية وإصلاحات العبادي
شهد العراق في أغسطس من عام 2015، أزمة اقتصادية كبيرة، لاسيما مع انخفاض أسعار النفط، وارتفاع موازنة القوى الأمنية كالجيش والداخلية لمحاربة تنظيم داعش، في نفس الوقت، ثمة إصرار ظهر خلال الفترة التي سبقت الأزمة بالاعتماد على الاستدانة الكثيفة، والابتعاد عن وضع حلول اقتصادية كتفعيل العمل الإنتاجي والبدء في مشروعات بنية تحتية تساعد على هذا الأمر.
ورغم أن الأزمة الاقتصادية بدأت تلوح في الأفق منذ عام 2003 مع بدء الغزو الأمريكي للعراق، ويعتبر الغزو أحد أسبابها، إلا أن تعامل الحكومة السيئ مع زيادة المديونية أثر بشكل أسوء على الوضع الاقتصادي، الأمر الذي رهن مستقبل العراق للمصارف الأجنبية والصناديق الدولية، وتسببت الأزمة في عجز الحكومة عن تسديد الديون المستحقة للشركات الأجنبية والاستثمارية، والديون الدولية المقدرة بمليارات الدولارات، كما أدّت إلى تأخير تسديد رواتب آلاف من موظفي الدولة الذين بدأوا في تنظيم مظاهرات احتجاجية، للضغط على حكومة حيدر العبادي لسداد رواتبهم.
وشهد قطاع الكهرباء تعثرًا كبيرًا، برغم إنفاق مليارات الدولارات عليه؛ بسبب الفساد وسوء التخطيط، ويُعّد الفساد أحد أبرز الأسباب وراء تدهور الاقتصاد العراقي، فبسببه تعطل تنفيذ أكثر من 9 آلاف مشروع اقتصادي، تنموي وصناعي وخدمي، في جميع المحافظات، بحسب وسائل إعلام محلية ووكالات عالمية، وكان للأزمة ردة فعل شعبية، فانطلقت مظاهرات واسعة في عدة مناطق؛ رفضًا لعدد من الإجراءات اتخذتها الحكومة في محاولة لتغطية عجز الموازنة، ومن بينها إصدار سندات خزينة داخلية وخارجية بملايين الدولارات؛ كما لجأت إلى تطبيق قانون زيادة الضرائب على البضائع والسلع.
وفي إجراء رآه محللون رد سريع على الأزمة، أصدر رئيس الوزراء العراقي حزمة من الإصلاحات لتخفيف عجز الموازنة، وفي محاولة لسد رواتب الموظفين، وكان أهمها إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وتقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة، كما أمر بإبعاد جميع المناصب العليا في العراق عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وتضمنت القرارات وضع ملفات الفساد تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد، واعتماد عدد من القضاة المختصين للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين.