القسم الثالث
علي حسين فيلي/ في عملية سياسية كالانتخابات، والتي يشكل الفوز هدفا وحيدا منها، يتبادر الى الاذهان ذلك السؤال لماذا يعترض الكورد فقط على خرق الدستور بالمنظار القديم؟ بينما عملية محو الهوية مستمرة بأشكال متعددة وهي خارج اطار الدستور، من الواضح انه في العراق عندما تكون الفرص قليلة وحق الحراك مجمدا في الميدان، على من يقول ان نحو 100 شخصية فيلية ترشحت للانتخابات على مساحة جميع القوائم المدنية واليمينية واليسارية.. فالاغلبية ايضا مجبرو المشاركة في الانتخابات وهم وقوف على قدمي القومية والمذهب!
في العملية الانتخابية هناك فرص للتحريض والانتقام والتحريف، بينما فرص النجاح ليست متاحة على الدوام، وموطن الفيليين باستمرار محل للنفوذ القومي، لكنه ليس مكانا للسلطة، وكل طرف لديه مكانه بالاستناد لثقله وليس لحجم شعبه.
السياسة في هذا البلد لكثرة ما هي مضطربة غدت غير نافعة تماما، والدين لكثرة ما اقحم بالسياسة فقد معها المقدسات والثقة التي كان يتحلى به. فلا احد له مشكلة سياسية مع المذهب والتدين، فالمشكلة تظهر حينما يتم تحولهما ليتم تكفيرك. والفيلي الذي لا يعرف كيفية مواجهة التحديات والقلق بهذه السياسة، لن يكون له اي مستقبل!
الاشارة للفيلي بمكون خال هو تزوير للهوية وسرقة لحقوق قانونية، فمصطلح "المكون" حُشِرَ لفرط عقد القومية من الفيلي، وهدفه خلق ازمة ومشكلة هوية للجيل الحالي وخطر محدق لمستقبل للاجيال التالية.
جميع الاقليات في هذه البلاد بما فيها الدينية والقومية، لهم منذ القدم ممثلون في مجلس النواب ولكنهم لا يعيشون في الجنة! فالحضور ضروري ومشروع وسابقا كان لنا ممثلون فيليون في مجلس النواب، الا ان وجودنا في مركز كتّاب القوانين بمعنى امكانية اصدار قانون انهاء المعاناة ومكافحة الظلم، ليس له وجود فعلي!
بين 328 مقعدا في مجلس النواب، فان حق الكوتا يأتي من اجل انه في الحالة الطبيعية لم يكن لك حظ في الفوز، بسبب اثبات خصوصيتك ووجودك يجب ان تفوز ولو بمقعد واحد. ومن الواضح ان هذا ايضا لم يتم تركه لشأنه والاحزاب الكبيرة لا تسمح للاصحاب الحقيقيين للكوتا الا ان يحلموا فقط. فهي تقدم المرشحين المطيعين. وتراهم رقما وليسوا اصحاب قضايا، وتلك الأحزاب تعد المقاعد وليس مشكلات ومعاناة اصحاب الاصوات. الا انه فقط هذه المرة وفي هذه الانتخابات التي نحن فيها اكثر الجهات التي لا برنامج لها للانتخابات وقد تم ايجاد الدواء السحري لعلاج جميع مشكلات الفيليين!! يريدون في عملية سياسية قصيرة الامد مثل الدعاية الانتخابية ان نصبح (المكون الفيلي).
فالعاقبة الكارثية طويلة الامد، اذا فهمنا الهدف من (المكون) المجرد (غير المحجب)، بالمقارنة مع منافعه واضراره فاننا سنخجل من شهدائنا اذا كنا لا نستطيع الحفاظ على حقوق احيائنا، ومن المحزن ان ثمن كل صوت قدم من اجله شهيد ضحية.
عندنا، فان مشاركة الكورد الفيليين في الحركة السياسية والثقافية والاقتصادية لم تكن مرتبطة بالمنافع فقط، بل في اغلب الاحيان كانوا يعرفون بانهم ليس فقط لا ينتفعون ولكن في هذا المجال ستلحق بهم الخسائر البشرية والمادية. امر عادي في الحركات السياسية العراقية المعاصرة، فان مدرستنا القومية وبسبب كثرة استرخائها وغيابات اساتذتها وطلبتها والصيغة الكلاسيكية وعدم رصانة البرامج والدروس، انسحبت امام الدوام المستمر لمراكز النفوذ المذهبي السياسي وليس هذا لوحده خاصة بالكورد الفيليين الا انه كان الاصعب عليهم.
لحد الان، فان الرأسمال السياسي للكورد الفيليين هو من ذلك النوع من رؤوس الاموال المرتبطة بحاكمية الاحزاب والسياسيين الكورد والشيعة. وهذا الرأسمال حاله حال رؤوس الاموال الاقتصادية او الاجتماعية يمكن ان يكون في صعود او هبوط. رأسمالنا السياسي مرتبط بحضورنا السياسي. والانتخابات بامكانها ان تزيد من اسهمنا او تنقصها. ولكن في هذه الانتخابات يرغب الناس في الجانب السياسي ان يسمعوا افكارنا ويراقبوا عد اصواتنا.
ان مشاركة مكونات الاقوام ومذاهبها في هذه الانتخابات مع الاخذ بنظر الاوضاع السياسية واستمرار الصراعات مهم جدا. والاشتراك في ميدان التشريع والحياة السياسية هي فرصة للفيليين. فرصة للتعريف بأنفسهم من جديد. الانتخابات فرصة للتعريف بالمطالب والرسالة التي يريدون توصيلها بمصاريف اقل. تلك المطالب التي لها وجود في القوانين والدستور العراقي، ولكن من دون وجود عذر (المكون) ايضا لم تنفذ تلك المطالب لحد الان.
أولئك الذين دخلوا لعبة "المكون" بلا هوية، اعطوا قرارا مسبقا وهم منفذوه لخلق هوية مزورة غير لائقة يضربون بها عرض الحائط مصير الفيليين.
القسم الاول القسم الثاني