عصام أكرم الفيلي/ كثر الحديث هذه الايام ومنذ تصويت مجلس النواب على تعديل قانون الانتخابات النيابية حول الطعن في التعديل، بل لقد تم فعلياً تقديم طعون من قبل منظمات ونقابات وافراد وقدمت الى جهتين، هما مجلس النواب والمحكمة الاتحادية العليا، ولغرض تسليط الضوء على تداعيات تلك الطعون ومدى تأثيرها على الكوتا التي تم اقرارها للكُرد الفيليين، تعالو معنا لنأخذكم من خلال هذه السطور في جولة قانونية سنحاول قدر الامكان الا تكون مملة.
بداية فإن مجلس النواب ليس محكمة وليس جهة للفصل بين النزاعات كي تقدم اليه الطعون، بل ان مجلس النواب هو الجهة المطعون ضدها، وبالتالي فأن التوجه اليها من قبل بعض المنظمات ربما لا تعدو محاولات هدفها ايجاد إسم ومحل لتلك المنظمات في خضم المواجهات الاعلامية الحالية والصراعات الانتخابية المرتقبة، ولهذا فإن كان هناك ما يستوجب الطعن فإنه يوجه الى المحكمة الاتحادية العليا، وايضاً في هذا الصدد هناك جزئية مهمة يجب الالتفات اليها، ففي بعض الحالات لا يستوجب تقديم طعن الى المحكمة الاتحادية من الاساس، وتلك الحالات هي ( الرقابة على دستورية القوانين) ، فتلك تعتبر من أول واهم ( واجبات ) المحكمة التي لا تستدعي اشعارها او تقديم الطعن اليها ، من خلال واجبها في ( الرقابة )، وهذا واجب دستوري القته على عاتق المحكمة الاتحادية ( المادة 93 / اولاً ) من الدستور، في حين نصت باقي البنود والفقرات في ذات المادة من الدستور على كلمات ( الفصل ، التفسير ، التصديق) ، أي بمعنى ان الفصل في النزاعات وتفسير النصوص يستدعي تقديم طلب، اما الرقابة على دستورية القوانين فهي واجب على المحكمة ولا تحتاج تقديم طعن، وبالتالي لا تستدعي كل هذه الضجة التي يقوم بها الطاعنين الا اذا كانت لديهم اغراض اعلامية او انتخابية.
نأتي الان الى المطعون فيه، وهو قانون التعديل الأول لقانون انتخابات مجلس النواب رقم 45 لسنة 2013، وهو قانون جديد له رقم جديد وتاريخ اصدار جديد، أي بمعنى انه لا يمكن الطعن في قانون لا يحمل رقم أو على الأقل غير داخل حيز التنفيذ، والرقم هذا تحدده وزارة العدل بعد مرور القانون بالاجراءات التشريعية في مجلس النواب وصولاً الى التصويت واقرار القانون، ومن ثم رفعه الى رئاسة الجمهورية لغرض المصادقة وارساله من قبلها الى وزارة العدل التي تتولى وضع رقم للقانون وحسب تسلسل ورود القوانين اليها، ومن ثم نشره في الجريدة الرسمية الوقائع العراقية.
اما موضوع الطعن، فكما نشر في وسائل الاعلام وتم اعلانه من قبل الطاعنين من خلال بيانات ومؤتمرات صحفية ولقاءات تلفزيونية ، فهو تخصيص مقعد كوتا للكُرد الفيليين في محافظة واسط، ومن خلال متابعتنا الشخصية وبشكل لحظي مستمر ومتواصل لتلك المؤتمرات والاخبار، فإن الطعون قدمت في نفس يوم التصويت وفي اليوم الثاني وصباح اليوم الثالث، وهنا نلفت عناية الأخوة القراء الى عدم امكانية الطعن في قانون غير نافذ وغير ساري المفعول، وفي حالتنا هذه فقد بينت ( المادة 48 ) من القانون الاساس المعدل والذي يحمل الرقم 45 لسنة 2013 بأنه ( يعتبر نافذاً من تاريخ المصادقة عليه ) وهذا يعني من منتصف نهار اليوم الثالث بعد التصويت، مع ملاحظة ان طعون اليوم الأول لا تتعدى الاعلام لكون التعديل قد تم التصويت عليه في حدود الساعة الثالثة بعد الظهر أي بعد انتهاء الدوام الرسمي للدوائر الاخرى خارج مجلس النواب وخاصة المحاكم، وبمعنى شامل فأن الطعون التي سبقت هذه المواعيد التي اشرنا اليها بشكل دقيق سوف ترد من قبل المحكمة الاتحادية.
اما الطعون التي قدمت بعد تصديق رئيس الجمهورية على التعديل، فهي لا تحتمل الا وجهاً من اثنين، اما الطعن في القانون المعدل، او الطعن في القانون الاساس، فأن كان الطعن في القانون الاساس وهو القانون 45 لسنة 2013 فهو لا يحوي أي اشارة للكُرد الفيليين وبالتالي فالطعن مردود شكلاً وموضوعاً وبشكل بديهي لا يستلزم المزيد من التفصيل والشرح.
اما اذا كان الطعن في قانون التعديل الأخير فالطعن ايضاً مردود قانونياً ودستورياً لكون اسباب قبول الطعون ومن ثم الرد أو نقض المواد والفقرات القانونية تتلخص في :
1. وجود جنبة مالية دون استحصال موافقة رئيس مجلس الوزراء المسؤول عن ادارة السياسة المالية.
2. مخالفة النص المطعون فيه لثوابت احكام الاسلام ( المادة 2 / اولاً - أ ) من الدستور
3. التعارض مع مبادىء الديمقراطية ( المادة 2 / ثانياً - ب ) من الدستور
4. التعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في الدستور ( المادة 2 / ثالثاً - جــ ) من الدستور
5. الطعن لعدم توفر النصاب القانوني لانعقاد جلسة مجلس النواب لحظة التصويت.
وبما ان تخصيص مقعد نيابي للكُرد الفيليين لا تترتب عليه أي جنبة مالية، ولا يخالف مبادىء احكام الاسلام ولا يتعارض مع مبادىء الديمقراطية والحقوق والحريات، بل بالعكس فإن تخصيص مقعد أو اكثر للمكون الفيلي هو من صلب نص وروح الدستور وخاصة ( المادة 49 / اولاً ) و ( المادة 125 ) منه ، وبما ان النصاب القانوني كان متوفراً بشكل يقيني قاطع في جلسة البرلمان عند التصويت، ، إذن فالطعون مردودة من هذا الجانب بشكل مطلق وبات وحاسم.
نأتي الان لبيان وتوضيح ما المقصود بالطعون التي قدمت وما هي حقيقتها ؟، وفي الحقيقة ايها السادة إنه يوجد فعلاً سبب قانوني ومقبول للطعن، ولكنه ليس بخصوص مقعد الكوتا الفيلية، وانما الطعن في اصل ( المادة 11 / اولاً ) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم 45 لسنة 2013، حيث تنص المادة في متنها على :
"يتكون مجلس النواب العراقي من 328 مقعداً يتم توزيع 320 منها على المحافظات وفقاً لحدودها الادارية وفقاً للجدول الملحق بالقانون وتكون ( 8 ) مقاعد منها حصة ( كوتا ) للمكونات"
وبصدور قانون التعديل الأخير الذي خصص مقعداً للكُرد الفيليين، يكون لزاماً تعديل متن المادة 11 من القانون الاساس وهو قانون 45 وليس القانون الصادر مؤخراً ، وفي هذه الحالة فالطعن صحيح جداً ومقبول وسوف تحكم المحكمة الاتحادية لصالح الطاعنين.
ولكن ما الذي يترتب على قبول الطعن والحكم لصالح الطاعنين وما تأثير ذلك على مقعد الكوتا الفيليين ؟ ان المعالجة الوحيدة ايها الاخوة تقتضي تعديل متن المادة 11 من خلال تشريع قانوني جديد تقدمه كمشروع قانون رئاسة الجمهورية او الوزراء، او مقترح قانون يقدمه عشرة من اعضاء مجلس النواب، ويمر بكافة مراحل التشريع ابتداءً بالصياغة القانونية الى قراءة اولى وثانية ومن ثم التصويت على التعديل وصدور قانون التعديل، وهذا يحكمه وقت ضيق جداً نظراً لتحديد موعد الانتخابات في الثاني عشر من شهر ايار القادم، اما التعديل والمعالجة المرتقبة فإنها لا تقبل سوى امراً من اثنين لا ثالث لهما وهما :
1. زيادة اعضاء مجلس النواب العراقي الى 329 بدلاً من 328
2. زيادة المقاعد المخصصة للمكونات الى 9 بدلاً من 8
وبما ان زيادة عدد اعضاء مجلس النواب يحتاج الى احصائية سكانية محدثة تصدر عن وزارة التخطيط، وهذه الاحصائية حتى ان صدرت ووصلت الى مجلس النواب لأغراض التعديل فأن تأثيرها ينسحب على جميع المحافظات وبالتالي يستدعي زيادة اعضاء البرلمان في عموم العراق، وهذا يقيناً لن يحدث امام ضغط الشارع الذي يدعو الى العكس وتقليص عدد النواب، وبالتالي ليس امام مجلس النواب سوى طريق واحد للتعديل وهو ما ذكرناه في الفقرة 2 آنفاً وهو زيادة المقاعد المخصصة للمكونات الى ( 9 ) .
وفي كل الحالات ومهما حصل، واياً كان ما تخبئه لنا الايام القادمة، فإني اطمئن اهلي الفيليين بأن كل هذه الضجة الاعلامية وكل الطعون التي قدمت، لن تؤثر ابداً على المقعد المخصص للكرد الفيليين في واسط، فتلك مادة تم التصويت عليها وصدرت بقانون تمت المصادقة عليه ودخل حيز التنفيذ وانتهى الموضوع، وما على الفيليين الان سوى تجاهل زوبعة الطعون والالتفات الى مستقبلهم، وترتيب اوراقهم سعياً الى زيادة هذا المقعد من خلال القوائم العامة، وابشركم بأن وجود صوت فيلي خالص في مجلس النواب القادم هو امر محسوم والف مبروك نقولها من الاعماق.