علي حسين فيلي/ لو اتُهم الفيليون بعدم رغبتهم في السياسة، والالتزام الحزبي، والخصومة مع التاريخ واللعنة على قانون الجنسية والانزعاج من مصطلح المواطنة وفقا للمعيار العثماني، سيكون ذلك أمرا طبيعيا!
فالأنسان الفيلي يتهم المجتمع بنزع الرحمة من ذاكرته، وعدم الاتصاف بالمساواة وجعل الدين والقومية والمذهب ادوات للإضطهاد! ويتهم المجتمع بالصمت امام الجرائم التي أقتُرفت ضده والتي تنافي جميع مبادئ الانسانية والاخلاقية.
وللرؤيتين، العراق ليس ذلك البلد الذي يفرق فيه بين الجيد والسيء. في مجتمع مصاب بالوباء ومريض، الناس العاديون لايستطيعون العيش بشكل اعتيادي! على الاقل الذين تقبع رفات وعظام آبائهم واجدادهم تحت ثرى هذا الوطن، لايجوز سلب شكل الحياة الاعتيادية منهم.
الى الان داخل المجتمع العراقي المتشتت الذي يكون فيه التيار المتسارع للتغيير واضطراب اوضاعه اعلى من مستوى عقلية وفهم الانسان الاعتيادي، ان يكون الحديث عما جرى على الكورد الفيليين كقصة تهز الاعماق وعشرات الاساطير الاخرى، مغيبا. فالانسان الفيلي هو ذلك الشخص الذي يتم جره من طرف خصيم الى المشكلات التي لا يرغب فيها بنسمة هواء. الذي فهم طبيعة البعث، قبل ان يولد، وهب جنسية (التبعية) اللعينة. مع العلم انه عاش على سواحل شرق دجلة وغرق في مستنقع غروب المشكلات. دائما يقع في كمين تلك السياسات التي لاتعرف الرحمة.
والآن اغلبنا من الاشخاص العاديين الذين يصطفون في طوابير الانتظار ومشاركين في ماراثون الغربة، وتمتلأ زوادة حياتنا بالتغرب والتشرد رغما عنا. فنصبح بلا ميل تجاه القومية، والدين ووطن سلب منه حقوقه وعقيدته، وصادر جنسيته وانساه واجب الدعم. مع كل هذه المصائب، لماذا لا يتم منحه بشارة الوصول لساحل الامان؟!
داخل مجتمع مليء بالاضطرابات مثل العراق، الفيليون اناس عاديون ولكنهم يتحملون ضغوطا وقوة غير اعتيادية. لكثرة ما هم اعتياديون فهم لا تتم قراؤتهم في السياسة والبرنامج الحكومي والشعب المبتلى في هذا البلد ليست له فرصة ليطفئ نار ذلك الظلم.
نحن الكورد الفيليين، امام مرآة خلوة فكرنا ووعينا، وان كنا الانسان البسيط والوحيد والطريد في هذا البلد، فمازلنا لا نعجب انفسنا ونرغب ان نقول باننا ضحية الالتزام بالاخلاق ونكران الذات! نحن الاوائل في نزول الدموع من اعيننا في اي مجلس عزاء لهذا الشعب، ولكننا في دنيا الواقع، نحن رمز للنهايات الحزينة ويتوجب على جميع المواطنين ان يذرفوا الدموع، لان شخصا عمره كله معاقب وسجين لعشرات القرارات غير المنفذة ويقال له بقوة السلاح طأطأ رأسك وانتظر، لن يصبح متبعا لدين (ايوب) ولا دين اي ظالم.
ان العائلات التي كل فرد من افرادها هارب الى بلد ومن اجل اجتماعها نذرت الاف النذور، كانوا من المواطنين العاديين في هذه الارض. ليس هناك فرق ان كانوا رجالا او نساء، طلبة او اساتذة، اطباء او مرضى، فلاحين او مهندسين، عمالا او تجارا، فإن شعورهم واحاسيسهم الانسانية تنادينا. فلينتهِ الوقت الذي يبقى فيه هذا البلد مكانا لقتل انسانية الانسان وتدمر فيه الحياة الاعتيادية. الفيليون اناس عاديون، وحتى عندما ندخل الى المجتمع المضطرب، يقال انه يتوجب حل مشكلة الكورد الفيليين! متى، كيف ومن يقوم بهذا العمل؟! فالحكومة العراقية لو عوضت الدنيا اجمعها، فانها لن تلتفت الى الكورد الفيليين، لماذا؟!!