2019-11-06 16:12:31

شفق نيوز/ شهد العراق الأربعاء يومًا جديدًا من العصيان المدني، خصوصًا في العاصمة بغداد حيث عاودت القوات الأمنية استخدام الرصاص الحي لتفريق متظاهرين يطالبون بـ“إسقاط النظام“ في اليوم الرابع عشر من الموجة الثانية للاحتجاجات.
ولا تزال خدمة الإنترنت مقطوعة بشكل تام في بغداد ومعظم المحافظات، منذ ليل الإثنين الثلاثاء، وسط مخاوف بين المحتجين من محاولة عزلهم مجددًا لضرب التظاهرات على غرار الموجة الأولى التي شهدت عنفًا غير مسبوق.
وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 280 شخصًا، بحسب إحصاء لـ“فرانس برس“، في وقت تمتنع السلطات منذ نحو أسبوع عن نشر حصيلة رسمية.
واتسمت الموجة الأولى من الاحتجاجات بين الأول والسادس من تشرين الأول/أكتوبر بتواجد قناصة على أسطح مبان استهدفوا المتظاهرين، لكن هويتهم لا تزال مجهولة بالنسبة إلى السلطة.
وبدأت دائرة الاحتجاجات تتسع في العاصمة منذ ليل الثلاثاء الأربعاء، مع ما يبدو سعيًا من المتظاهرين لتشتيت تركيز القوات الأمنية التي أطلقت الرصاص الحي الأربعاء وأوقعت جرحى بين محتجين حاولوا عبور جسر رابع.
وقال متظاهر يدعى محمود ويبلغ من العمر 20 عامًا، فيما يحاول مسعفون معالجته من إصابة تعرّض لها على جسر الشهداء، إن ”قوات مكافحة الشغب ضربونا بالهروات على رؤوسنا واشتبكنا معهم بالحجارة، لكنهم بدؤوا بالرمي الحي على المواطنين“.
فبعد إقفال جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية وسفارات أجنبية، وجسري السنك والأحرار، يسعى المحتجون إلى إدخال جسر الشهداء ضمن لعبة الكر والفر مع القوات الأمنية.

مخاوف
ويؤكد المتظاهرون أن عمليات قطع الجسور هي في إطار العصيان المدني المعلن، ولحماية كل الطرقات التي تؤدي إلى المتظاهرين في ساحة التحرير الذين ما زالوا يتجمعون خلال النهار.
وأفادت مصادر أمنية عدة، باستمرار عمليات الخطف لبعض المتظاهرين لدى عودتهم من التظاهر، في ما يبدو محاولة لبث الرعب وتجفيف الشارع، كما أن قطع الإنترنت له أثر سلبي على نفوس المحتجين.
وأشار مسؤول حكومي طلب عدم كشف هويته أن ”حجب الإنترنت ينذر بأنه سيكون هناك دماء“.
وكانت السلطات قطعت الإنترنت لمدة أسبوعين الشهر الماضي، وشددت الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي التي لا تزال محجوبة حتى الآن، إلا من خلال استخدام تطبيقات ”في بي أن“.
وقالت منظمة ”نيت بلوكس“ للأمن الإلكتروني إن ”هذا القطع الجديد هو أسوأ القيود التي فرضتها الحكومة العراقية منذ بداية التظاهرات“ في الأول من تشرين الأول/أكتوبر.
غليان الجنوب
وإلى جنوب العاصمة، تواصل إغلاق الدوائر الحكومية والمدارس بالكامل في مدن الناصرية والكوت والحلة والنجف والديوانية، وليل الثلاثاء، أقدم متظاهرون على إحراق منازل نواب ومسؤولين محليين في قضاء الشطرة شمال مدينة الناصرية، بحسب مصادر في أمنية، كما أغلق متظاهرون صباح الأربعاء شركة نفط ذي قار، ومنعوا الموظفين من الوصول إلى مقر الشركة، وفق المصدر نفسه.
وفي الديوانية، أغلق متظاهرون مصفى الشنافية النفطي، أما في مدينة البصرة الغنية بالنفط في أقصى الجنوب العراقي، لا يزال ميناء أم قصر، أحد المنافذ الرئيسة لاستيراد المواد الغذائية والأدوية للبلاد، مغلقًا لاستمرار تجمع المتظاهرين الذين يقطعون الطريق المؤدي إلى الميناء.

جمود سياسي
وعلى الجانب السياسي، تبدو الأمور مجمدة حتى الساعة، خصوصًا مع إعلان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أمس الثلاثاء أن الحلول المطروحة حتى الآن لا تفي بالغرض، خصوصًا مسألة إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
ومسألة الانتخابات كانت مقترحًا من رئيس الجمهورية برهم صالح الذي يجري مشاورات سياسية مع كبار الزعماء في إقليم كردستان العراق، والواضح حتى الآن أن عبد المهدي وصالح، في حالة قطيعة، بحسب ما قال مسؤول، لاعتبار الأول أن حليفه تخلى عنه.
وأكدت مصادر سياسية عدة مقربة من دوائر القرار أن ”إيران ليست راضية عن دور برهم صالح في الأزمة الحالية، تخلى عمن أوصله إلى الرئاسة عند أول مفترق طرق“، ولفت العديد من المسؤولين إلى أن عبد المهدي نفسه أيضًا، أصبح محاصرًا ومعزولًا وأن سلطاته بصنع القرار وفريق مستشاريه بات خاضعًا لضغوط متزايدة من إيران. بحسب فرانس برس.
وتركز غضب المتظاهرين الذين يطالبون بـ“إسقاط النظام“ خلال الأيام الماضية، على إيران صاحبة النفوذ الواسع والدور الكبير في العراق، إلى جانب الولايات المتحدة التي لم يشر إليها المحتجون خلال التظاهرات، وهي بدورها لم تبد تفاعلًا تجاه الأزمة الحالية في البلاد.
وما أجج غضب المحتجين هو الزيارات المتكررة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني للعراق، وتصريحات المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي عن وجود ”مخططات من الأعداء لإثارة الفوضى وتقويض الأمن في بعض دول المنطقة“