شفق نيوز/ عندما علم موكول جارج، أن أحد أفراد عائلته ثبتت إصابته بفيروس كورونا المستجد، أدرك على الفور أنها البداية فقط.
بقيت أسرة ”جارج“ خلال فترة حظر التجول في الهند لأسابيع داخل منزلها، يتناول أفرادها الطعام معًا ويتشاركون الألعاب معًا ويأكلون معًا.
ويبلغ أفراد أسرة موكول 17 فردًا، يعيشون جميعًا تحت سقف واحد، وتتراوح أعمارهم من 3 أشهر حتى 90 عامًا.
ومع بدء انتشار الفيروس بينهم، قض سؤال بسيط؛ لكنه مخيف، مضجع الشاب موكول (33 عامًا) وهو: ”كم فردًا سيخسرون“.
وقال: ”كنا نعلم جميعًا أننا سنواجه المرض بشجاعة، لكننا أدركنا في الوقت ذاته، أننا سنخسر أحدًا ما“.
ومعركة عائلة ”جارج“ مع الوباء، واحدة من المعارك المتكررة بشكل متزايد في الهند، التي تعتبر واحدة من أكبر بؤر تفشي فيروس ”كورونا“ في العالم. ومع زيادة الضغط على المستشفيات في الهند، تُجبر العديد من العائلات، على الصراع لأجل الحصول على أسرة لمصابين من أسرهم.
وتمكن فيروس ”كورونا“ من إيجاد طريقه إلى أسرة موكول الكبيرة، وفي غضون أيام قليلة، ثبتت إصابة 11 فردًا من عائلته على الأقل بالفيروس، كان من بينهم جد موكول البالغ 90 عامًا، وهو طريح الفراش، وجدّته البالغة 87 عامًا، وأب يبلغ من العمر 62 عامًا، مصاب بداء السكري وارتفاع ضغط الدم، وعمه البالغ 60 عامًا، الذي يعاني بدوره من السكري وضغط الدم.
تحول منزل موكول جارج في أحد أحياء العاصمة دلهي إلى بؤرة للفيروس، وتم وضع ملصق ”حجر منزلي“ على منزلهم، وعزلهم عن العالم الخارجي.
في بداية حظر التجول في البلاد وأزمة تفشي الفيروس، لم يشكل الأمر مشكلة كبيرة لدى أسرة ”جارج“، حيث قضوا وقتهم في ممارسة مختلف الأنشطة والتمارين الرياضية، والتجمع معًا على الغداء والعشاء، والألعاب الشعبية، وقال موكول: إن ”أفراد أسرته تحولوا فجأة خلال فترة الحظر إلى طهاة، وبدأوا تجربة أصناف جديدة من الطعام“. بحسب شبكة إرم
كان أفراد الأسرة حذرين جدًا في إجراءات الوقاية من الفيروس، لم يخرجوا أبدًا، ويذهب شخص واحد فقط في كل مرة إلى البقالة، لشراء حاجيات الأسرة.
وتحدث موكول عن قيام الأسرة بابتداع طقوس خاصة، لتعقيم العائد من الخارج، حيث يتضمن رش ”كل جزء ظاهر من جسده“ بالمطهرات.
في أواخر أبريل/نيسان، بدأ أحد أعمام موكول يعاني من أعراض حمى وضعف، اعتقدت الأسرة في البداية أنها انفلونزا عادية، لكن بعد بضعة أيام، مرضت العمة ”أنيتا“ أيضًا، ثم أصيب والدا موكول بالحمى كذلك، وبعدهم أصيبت الجدّة.
قالت والدة موكول، مينا ديفي (58 عامًا): ”كنا واثقين أننا بعيدون عن الفيروس، نظرًا لاتباعنا الشديد والدقيق للإجراءات، لم نكن نصدق أن ما كان يحدث له علاقة بـ“كورونا“، لكن بعد مضي وقت ليس بالكثير، أصيب جميع أفراد الأسرة بالحمى“.
ومع ذلك، تردد أفراد الأسرة بإجراء الاختبار، أملًا منهم أن تغادرهم الأعراض دون أي تدخل، ونظرًا لخوفهم -فيما إذا أثبتت الاختبارات إيجابية النتائج – أن يتم نبذهم من المجتمع، أو حتى وضعهم في حجر مؤسسي. لذا، بدأ كل فرد من عائلة ”جارج“ بعزل نفسه في منزلهم المكون من عدة طوابق.
بعد 5 أيام من الحمى، بدأت ”أنيتا“ تعاني من صعوبة في التنفس، وقررت إجراء اختبار فحص فيروس ”كورونا“، وفي اليوم التالي عادت النتيجة إيجابية. وعلق موكول: ”بعد ذلك أخذ كل شيء ينهار“.
زادت الأعراض خطورة على أنيتا، حيث تدهورت صحتها، وتم إدخالها مستشفى خاص، وقال ابنها ”ابهيشيك“ (26 عاما): ”ذلك تسبب بذعرنا جميعًا“.
لكن الفيروس تصرف مع العائلة بشكل غير متوقع، حيث ثبتت إصابة الجد ”موكولاند ابهيشيك“ البالغ 90 عامًا، بالفيروس، لكن مع ذلك لم تظهر عليه أي أعراض، بينما عانت الجدة (87 عامًا) من الحمى مدة شهر، إلى جانب السعال والصداع، إلا أن حالتها لم تتطلب إدخالها المستشفى.
وجاءت نتيجة ابن عم موكول (29 عامًا) وزوجته سلبية، في حين لم يتبين فيما إذا كان 4 أطفال في العائلة قد أصيبوا أم لا.
ساعد موكول جارج، والذي تدرب كطبيب قبل تغيير اختصاصه إلى إدارة الأعمال، هو والشباب الأصغر سنًا منه، بقية أفراد العائلة المصابين، بالحصول على الأدوية اللازمة والفيتامينات. وأكد موكول أن ”الأسرة كانت محظوظة بما يكفي لامتلاكها الموارد المالية اللازمة، لمساعدتها على التغلب على الفيروس“.
بالنسبة لمينا، والدة موكول، فإنها عانت من الحمى والسعال والصداع وآلام في الجسم استمرت مدة أسبوعين، وأمضت عزلها في المنزل، وهي تستمع إلى الموسيقى التعبدية والصلاة لأجل الأسرة. لم تكن قادرة مطلقًا على رؤية أحفادها، وكانت ابنة زوجها تقوم بوضع وجبات الطعام عند باب غرفتها، التي قضت فيها قرابة شهر معزولة عن الجميع.
وأنعشت عودة عمة موكول، أنيتا، للمنزل بعد 10 أيام قضتها في المستشفى، وتلقت علاجًا بالأوكسجين، آمال العائلة، التي عانت من انتشار الفيروس بين أفرادها. وصفق الجيران ودقوا أجراسًا من شرفاتهم بينما كانت تسير، كما ألقت الأسرة بتلات الزهور عليها، بمناسبة الشفاء.
ويبقى السؤال اللغز بالنسبة لعائلة ”جارج“، كيف أصيبت الأسرة في المقام الأول؟ يعتقد أن عم موكول، وهو أول من أصيب بالفيروس، ربما نقل العدوى للأسرة من البقالة أثناء شرائه حاجياتها، لكن لا يوجد ما يثبت ذلك. ففي الوقت الذي أصيب فيه أفراد أسرة موكول بالفيروس، لم تكن هناك أي حالات أخرى بالمنطقة التي يقطنون فيها.
في أوائل شهر يونيو/حزيران، تعافى أفراد أسرة موكول، واجتمعوا أخيرًا على العشاء، لأول مرة منذ أسابيع، تشاركوا الطعام النباتي وحلوى الكاسترد والضحك، وقال أبهيشيك، إن القدرة على معانقة أبناء عمه بعد فترة طويلة كان ”شعورًا رائعًا“.
ومع ذلك، لم يخل الأمر من لحظات حزينة، فقد وصلت للعائلة أخبار مؤلمة عن وفاة اثنين من أقاربهم البعيدين بالفيروس في الأسابيع الأخيرة. فيما لخص موكول قصة إصابة عائلته بالقول: ”لم يكن التغلب على المرض بالأمر السهل، لقد كنا محظوظين فقط“.