بدأت الخميس الماضي المباحثات والمفاوضات الإستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة، سبقتها عدة لقاءات وإتصالات تهيئ لهذه المفاوضات التي بادر بها ترامب بعد عدة أزمات داخلية وخارجية، أثرت على طبيعة العلاقة بين العراق وأمريكا ورفض شعبي واسع لجميع أشكال التواجد الأجنبي داخل الأراضي العراقي؛ المعلن بأن الإتفاق المبرم عام ٢٠٠٨ سيكون أساس التفاوض، وستكون بنود ذلك الإتفاق على طاولة المباحثات التي سيرأسها عن الجانب الأمريكي نائب وزير الخارجية الأمريكي السيد ديفيد هيل على رأس وفد رفيع المستوى بينما سيرأس الجانب العراقي وزير الخارجية والمفروض أن يكون عراقي السيد فؤاد حسين على رأس وفد (كلفه رئيس الحكومة السابق السيد عادل عبد المهدي)، ربما ستميل الكفة إلى الجانب الأمريكي؛ ونعتقد بأن المباحثات الأولية ستتركز عدة محاور وهي :
- ملف التواجد الأمريكي في العراق.
- سحب السلاح من جميع الفصائل المسلحة التي تهدد الوجود الأمريكي.
- التعاون الإقتصادي والإستثماري والصحي ومنها مساعدة العراق بعبور خطر جائحة كورونا. ونحن نعتقد بأن المباحثات ستختلف تماماً عن مباحثات عام ٢٠٠٨، وستكون مباحثات إعادة هيكلة وتوزيع الأدوار وغير مستبعد تنفيذ خطة )تقسيم العراق) والذهاب إلى نظام الأقاليم.
بعد المشادات الكلامية التي بدئها ترامب ضد كولن پاول مستشار الأمن القومي الأسبق، وقائد الجيش الأمريكي ورئيس هيئة الأركان المشتركة خلال حرب الخليج التي أطاحت برئيس النظام العراقي السابق، وإتهم ترامب حكومة بوش بإقترافها خطأ إستراتيجي بقرار غزو العراق؛ وإستخدام الكذب بإمتلاك الأخير أسلحة دمار شامل، وتبين بأن نظام صدام كان (ضعيفاً باطناً، قوياً ضاهراً) ولم يكن بأمكانه تهديد الأمن القومي الأمريكي!
مباحثات الخميس ستؤجج صراعات محتدمة داخل العراق، وستغير مفاتيح اللعبة وستغير المفاهيم التي أعتمد عليها الجانبان أثناء مباحثات عام ٢٠٠٨، الحوادث الأخيرة بإستهداف القواعد الأمريكية والسفارة في بغداد، لن تمر مرور الكرام ! بل ستكون ضمن أولويات التوافقات الجديدة بين حكومة الكاظمي والولايات المتحدة، وربما يراهن البعض على عامل الوقت، قائلاً كل ما تبقى لترامب ٤ أشهر فقط وحكومة الكاظمي لا يزيد عمرها على العام الواحد حسب الإتفاق بين الكتل السياسية قبل التصويت، نقول : سيحاول ترامب الإستفادة من هذه المباحثات كدعاية إنتخابية، وستشهد المنطقة صراعات خطيرة وقصف جوي سيطال مواقع عراقية بحجج مؤطرة، وغير مستبعد ولادة تحالفات جديدة تؤيد مسيرة الكاظمي مقابل ديمومتها، إذا ما نجح بكسب رضا جميع الدول عامة والشعب خاصة؛ لكن على السيد الكاظمي أن يكون شجاعاً في قراراته ومنفرداً، وإن لم يفعل فالفشل ينتظره، لأن مهمته التنفيذية تحتاج إلى تمرد حقيقي وطيران خارج سرب الكتل السياسية والأحزاب المهيمنة على القرار السياسي، ستكون الأشهر المقبلة حاسمة بالنسبة لمصير العراق، ونعتقد بأن الوقت بدأ يمر فعلاً والمعركة بدئت عملياً.
فهل سيتم تكليف حكومة جديدة ونظام جديد؟ هذا ما سنراقبه خلال الأشهر القليلة المقبلة.