تطل علينا وعلى مدار الساعة ومن مختلف قنوات التواصل الاجتماعي وخاصة مجموعات المشتركين ( كًروبات ) في الواتسآب او الفيسبووك او فايبر وغيرها من قنوات التواصل الاجتماعي، تطل بين لحظة واخرى ارقام وبيانات عن أعداد المصابين بفايروس كورونا ( كوفيد 19) على المستوى المحلي لكل مدينة او في البلاد والعالم محًدثة تهويلا وترويعا يترك اثارا نفسية وقلقا يؤثر على مسار حياة الناس البسطاء بشدة .
الارقام والبيانات التي لاتتوقف على مدار الساعة تتباين فيها الحقائق وتتبدل بها الوقائع، أذ تلاحظ خلال دقيقة او دقائق ان أحصائية او موقف او بيان مليء بالارقام نشر هنا لتراها بسرعة البرق تنتقل الى صفحة اخرى بشكل اخر، او احصاءات اصدرتها مؤسسة عن عدد المصابين او الوفيات بفايروس كورونا في هذه المحافظة او تلك المدينة، ما أن تصبح متاحة في صفحة مجموعة، لتكتشف بعد ثواني انها من مصدر اخر نشرت في موقع اخر او تبناها شخص أخر بأنها من نتاج افكاره، وهكذا تنتقل الارقام والبيانات من اكثر من مصدر وشيئا فشيئا يحدث التضليل فيها ويحدث التلاعب وتقتل رغبتك في المواصلة او الثقة بها، او في اسوء الاحوال تشجعك لتبحث عن الأصل – المصدر الاساس لتشاهد انه أختفى أو تبدل او اصبح في مضمون مادة او مقالة اخرى بشكل اخر .
مسلسل رعب الارقام والاحصاءات اصبحت توفر أرضية خصبة للتضليل والاخبار المفبركة وتأتي المشاهد الاخرى لمسلسل التلاعب من خلال صنع اخبار مفبركة وتقارير وبيانات على اساس البيانات الاولية، لتكتشف انك وسط موجة هائلة من الارقام لاتعرف ايهما هي لصباح هذا اليوم وايهما لأخر النهار ففي كل لحظة يعطيك مؤشر الهاتف بأن خبر وصل – او ارقام تم تحديثها او بيان صادر من وزارة او تصريح من وزير يعلق على كذا وكيت – حتى هم لم يعودوا يمسكون بمنشار القطع واللصق بالشكل الصحيح.. واذا تجرأت وقلت امام جمع من الناس او حتى مع افراد عائلك بأن هذه الارقام غير دقيقة، سيقدم كل واحد منهم خلال ثوان، اكثر من مصدر استقى منها معلومات – تعرف بأن أغلبها مغالطة او مغايرة لما تقولها، فتصمت وتخجل من مجاراتهم ... وتكتشف قدرة التأثير عليهم وتمسًك كل واحد بأن لديه الحقائق – هذا ليس الامر المهم ولكن المهم ان كل واحد يمرر تلك الحقائق ومعها تعليقات لاخرين، دون أن يعرف تاثير ذلك الامر وقد تم تغييب ارقام او تقليل او تفضيل بيانات على غيرها .
أن صحافة البيانات واحدة من المجالات الحديثة وسريعة التطور في عالم الصحافة وخاصة السوشيال ميديا، وتعد واحدة من الاسس التي على ضوئها يتم صناعة تقارير متابعة وافلام وثائقية او انفوغرافيك صحفي مميز لتصبح جزء من قاعدة بيانات يتم الاستناد عليها وتعزز ثقة المتلقي بالعمل الصحفي وتبين المهنية من العمل السطحي العمومي.
الرعب والهلع الذي تتركه اخبار الاصابات بفايرورس كورونا وتداولها السريع خلق هاجسا كبيرا من الخوف، وفي نفس الوقت شكًل جزءا اساسا مما يعتبره البعض بأن كورونا ليست سوى كذبة – الامر الذي يتم وفقا لبيانات وارقام من مصادر اخرى لتخلق حالة من القلق والفوضى بدلا من الاستقرار - فالحصول على الارقام والبيانات والوصول اليها بالشكل الصحيح وتداولها بالشكل الصحيح وخاصة من قبل المراسلين الصحفيين مسؤولية كبيرة، لانها تساعد الناس على تفهم الاوضاع التي تحيط بهم – وتزداد قيمتها وتاثيرها في الاوضاع التي نعيشها الان في ظل الاجراءات الحكومية الضعيفة والالتزام الشعبي المتذبذب بتعليمات الحماية والوقاية من الاصابة بفايروس كورونا.
مسؤولية نقل وتبادل الارقام والبيانات على صفحات التواصل الاجتماعي خاصة ومن ثم على شاشات القنوات التلفزيونية – مسؤولية مهمة تتمثل بنقلها بالشكل الصحيح و اعداد الاخبار عنها وليس تقديم الارقام مجردة ، التي تزيد من الثقة بين مصادر الارقام وناقليها والجمهور المتأثر بها ..
مهما يكن أنه عالم السوشيال ميديا الذي لا أحد يستطيع السيطرة عليه وسيبقى يسيل – يقطع طريقه في ثنايا حياتنا كنهر جارف يقطع طريقه عبر المعلومات والاخبار المضللة والحقيقية بالطريقة التي نعزز تواصلنا معها .