علي حسين فيلي/ البصريون انتقدوا فتظاهروا ثم اعتصموا، رفعوا مطالبهم وصبروا ثم داسوا على المسؤولين باقدامهم لعلهم يجبرونهم ليستجيبوا لهم ويجدوا حلا لمشكلاتهم! ومع كل هذه المعاناة التي يعيشون فيها الا انهم لم يدخلوا في اية جبهة معادية لهذا البلد ولا دخلوا الجبهة المعادية للحقيقة.
انهم يعلمون جيدا ان وحدة العراق لا تعمر طويلا من دون الامن وتوفير حقوق وحياة المواطنين وان مساعي الخلاص حتى وان كان ثمنها تقسيم البلاد يجب أن تبدأ من الجنوب.
احد الفلاسفة يقول إن اصابت مجاعة شعبا ما فسيكون اسم الآله الاعظم "الخبز"، وبالنسبة لاهل البصرة فالاسم الاعظم بطبيعة الحال هو "الماء" فعندما لا يتوفر الماء الصالح للشرب فأن اغنى مدن العالم ستكون مكانا غير صالح للعيش.
لقد اجتاز التقصير والاهمال منذ القدم في هذا البلد الخطوط الحمر وليست لدى الحكومة شيء لتقوله، لا هي تستطيع حل المشكلات ولا اقناع الناس في ذروة انعدام الخدمات والفقر وتلوث البيئة والعطش ان يتلحفوا السماء الصافية لوعود بغداد!
ليست هناك مؤامرة اخرى، فقد ظهر وضع سيء في توقيت اسوأ في زاوية من هذا البلد، وقد تكرر الخطأ القاتل للحكومة وذلك بالقضاء على مطالب الناس بالمؤامرات والاخطاء (واستخدام القوة المفرطة).
ان حل المشكلات تكون بالعمل والافعال وليس بالكلام خلف الابواب المغلقة. لقد تحدثت حكومات بغداد المتعاقبة كثيرا عن المكتسبات والانتصارات، ولكن تملصت عن ذكر اسباب الفشل في بناء بلد امن لشعب سعيد وهي تواسيه من خلال الاعلام فقط.
الخيانة ليست مقبولة ولا مستساغة في اي بلد سرا كانت ام علانية. ان الذي يحدث في هذه المدينة والمدن الاخرى لا يعد تقصيرا بل خيانة حكومية، لانه حتى في بداية تشكيل الحكومة الجديدة، لا يتم تلمس العودة الى منطق الخدمة والمواساة.
صحيح ان "داعش" فضلا عن الفساد كان سببا في دمار القسم الاكبر من المدن والقصبات، الا انه لم يتمكن من الوصول الى البصرة!! ان سياسة بغداد دفعت بكوردستان الى التفكير بالاستقلال ولكن ليس الاستفتاء هو من دمر البصرة!!
ان سبب الفشل المطلق للحكومة في البصرة والاماكن الاخرى، هو انتشار الفساد وانعدام الثقة والبرامج لتنفيذ خطة الانتصار، لذلك لا الانكار ولا الاهمال يمنحان شرعية اكبر للحكومة ولا اصبحا مانعين من استمرار جريمة مسيرة العمل الخاطئ والتقصير.
ان النجاح يعني القضاء على اسباب الفشل لا حرف الحدود الحقيقية للمشكلات عن مساراتها وسلب ونهب وهدر قوى وامكانيات شعب ما.
في بطون التاريخ لكل ثورة ينتخب لها تسمية والذي يحصل في البصرة "ثورة ماء" غير انها اذا اختلطت بالنار فان العراق الموحد سيصبح جزءا من الماضي.