لاتستغربوا كثيرا عندما يكتب البعض تعليقات او كلمات قصيرة على بعض المنشورات في صفحات التواصل الاجتماعي وتحمل في مضمونها نفسا عنصريا قيحا كريها واضحا، فأحيانا يكون مندفعا بحدود زائدة متأثرا بروحيته العنصرية المقيتة أو كما الحال عندنا متأثرا بعنصرية الشرق- دينية أو القومية التي لا يستطيع الخلاص منها.
مضت أيام على حصول الجريمة التي تعد شنيعة بكل المقايس التي أدت الى وفاة المواطن من الاصول الافريقية الامريكي جورج فلويد – 46 عاما الى درجة لم يبقى ألا ان يصفه بعض المحذلقين بأسم الدين والقومية بانه شهيد الانسانية والانتفاض ضد الغرب العنصري والامبريالية الامريكية، وأخرون أعتبروه انذارا لنهاية أمريكا، وكثيرون يتباكون عليه كأنه غادر حياتنا وهو أقرب من الروح الينا وجاره لايزال يئن تحت جراح اقرباء له او معارف تصرفوا بنفسي الروح العنصرية في القتل والسبي والخطف وتدمير التراث والحضارة و و و الخ من الجرائم .
في الجانب الاخر أرتكبت مجموعة من الشباب العنصريين من الاتراك جريمة قتل الشاب بارش – بالمناسبة بارش يعني السلام – ارتكبوا جريمة بشعة عندما أنهالوا عليه بضربه بالسكاكين الى أن أودت بحياته في وسط العاصمة أنقرة .
في الحالتين لست بصف جانب ألا الحق والحقيقة بعد التحقيقات وأنصاف الضحايا فتقديمي لهذا الامر لايعني انا ضد الشعب التركي فهناك الالاف من الخيرين يعرفون ان ما حصل يعد انتهاكا وتجاوزا ولكن ليس بمقدورهم التحرك بسبب طبيعة النظام، وقد يختلف الامر في امريكا فالكل تحدث وعلق وكان عدد البيض الذين وقفوا مع السود لايقل عن السود أنفسهم الذين قاموا بالاحتجاجات، وأنا صراحة ضد العنصرية التي تمارس ضد السود في امريكا بنفس الحجم والرؤية وفي اي مكان كان وضد أية فئة من البشر بعيدا عن أنتمائاتها الدينية أو القومية أو المذهبية.
لنعود الى الروح العنصرية الشرقدينية والقومية فحجم التعاطف الذي أحتل مساحات كبيرة من التعليقات ونشر الصور والكتابات وأعداد التقارير والانفوغرافيك والمقالات وصولا الى تزييف بعض المشاهد ونشر الاخبار المفبركة لتشويه صورة أمريكا والدفاع عن السود في وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات القنوات التلفزيونية المؤدلجة دينيا وقوميا ومذهبيا، كأنهم أكثر حزنا على مقتل فلويد بهذه الطريقة اللا أنسانية من أهله وذويه، في وقت لم نشهد ذلك الحجم من التعاطف جراء مقتل بارش في تركيا على يدي عنصريين لايعترفون بحقوق الاخرين في الحياة والتحدث بلغتهم والسماع بلغة الأم الى الاغاني الكوردية – أية عنصرية هذه وأية نفاق – ألا يقولون "الاقربون أولى بالمعروف" ؟، أم أن النظر بهذا الحجم من الشوفينية وفهمه على أنها هي الحقيقة لهو الأمر السيء والمحزن جدا – فـ بارش ايضا ضحية العنصرية التركية التي يبدو أنها تسُر الشرق دينيين العنصريين ولكنها تقف ضد العنصرية الامريكية بصورة عمياء ... أنه أمر محيَر وكان كذلك منذ سنين طوال !!