2017-04-13 07:27:00
كنا ولا نزال نعتقد بأن التحالف الوطني ببناءاته الحالية هو القوة المعرقلة الكبرى لتغيير فلسفة الحكم في الدولة وتحويلها من نظام طائفي محاصصي الى نظام مدني يعتمد على الاغلبية بمفهومها البرامجي والوطني وليس العقائدي والإثني والقومي ..
بهذه المقدمة أفتتح مقالتي كونها تصب في وقائعها وتوجهاتها في تقييم حركة التحالف الوطني مذ تسنم السيد عمارالحكيم زمامها .. فالكاتب هنا يريد أن يقف على جهود حقيقية في قيادة سفينة التحالف والتي تحاول أن تشق العباب وسط الأمواج العاتية والتغيرات المناخية الخارجية والتعقيدات الداخلية وصولا بها الى برنامج مدروس ومخطط ليشكل خارطة طريق جديدة..
لم تنقطع لقاءاتي مع القوى الفاعلة في المجلس الأعلى على الرغم من الاختلافات الكبيرة بين المناهج التي نؤمن بها في العمل السياسي وهو مايحسب لهم.. فهم يستمعون لكل هذه الاختلافات وخاصة الرعيل الذي يقود الحركة التجديدية في صفوف الحركة والتي بدأت إرهاصاتها منذ أكثر من سبع سنوات وظهرت نتائجها واضحة في هذه السنة وما قبلها .. وفي كل هذه اللقاءات كنت أميل دوما الى التأكيد أن المجلس في حركته التغييرية ومطالبته السباقة في تأسيس دولة خارجة عن المألوف فيما جرى تجسيده بعد 2003 أتاح للسيد الحكيم أن يمضي بخطاب اخر مختلفا عن عمه وأبيه رحمهما الله ولكنه ليس منبتا عن تلك الأسس التي بنيت عليها فلسفة المجلس وحركاته المتنوعة ..
بعيدا عن هذه التقاطعات فإن التحالف الوطني ( الشيعي) كان يمر بما يمكن تشبيهه بالشارف التي لا تبض بقطرة لبن.. '' وهي الناقة الضعيفة المشرفة على الموت''.. فقد شارف التحالف قبل أقل من سنة على الموت بعد أن انقضى عصره الذهبي حينما بقي هذا التحالف مؤدلجا لقضية واحدة فقط وهي انتاج رئيس وزراء شيعي وتقسيم حصص المناصب والمغانم بين أفرقائه.. إلا إن المعادلة تغيرت بعدما عجز هؤلاء على تقديم تجربة حكم مقنعة ومرضية لمطالب الجماهير وتطوير البلاد وتقديم الخدمات.. وبعدما طفت خلافات قادته ورموزه على السطح وهي خلافات على كل المستويات وفي كل الاتجاهات ..
حينما بدأت الأصوات تتعالى لمأسسة التحالف لم تكن الغاية إلا لملمة ماتبقى من هذه الشارف والسير بها ولو وئيدا الى الانتخابات المقبلة والحفاظ على بيضة السلطة الشيعية في الحكم .. وأكاد أجزم أن كبار القادة في التحالف لم يكن يحلم أكثر من ذلك .. وحينما تسنم الحكيم زعامته على مضض بعد أن تقلصت مدة الزعامة الى سنة واحدة لأسباب معروفة كان الجميع يشك بأن هذه المهمة محكوم عليها بالفشل والفشل الذريع.. فعلى الرغم من أن الحكيم تأبط ملفا كبيرا رسم فيها فريقه الهيكليات والآليات التي يجب أن يعمل فيها التحالف.. فإن شكوك قادته في نجاح هذه الخطط والبرامج كانت عالية.. وعلى الرغم من غياب زعيم الصدريين عن التحالف والمناكفات بينه وبين المالكي فإن السفينة اختارت ربانها الجديد بموافقة الجميع في ظل تحديات ونزاعات وصراعات داخلية وخارجية...
خلال الأشهر الماضية استطاع التحالف أن يتمأسس في هيكلية ادارية وسياسية صنعها الخط الثاني من أحزابه في لجان متعددة ومتنوعة .. واستطاع أن ينطلق بسرعة في الأجواء العراقية والإقليمية والدولية فلم تفتر حركته لا في المحافظات ولا في بغداد ولا في اللقاءات مع الكتل السياسية الأخرى أو مع المؤسسات الحكومية الكبرى.. ولانريد أن نذكر كل النشاطات بقدر مانريد أن نشير الى أن هذه الحركة استطاعت أن توظف كثيرا من قدراتها في حل قضايا عالقة وصراعات كبرى على مايتيح لها الظرف ولو أتيح لها العمل في ظروف طبيعية لحققت الكثير..
ليس في الحديث أعلاه مديح أو ذم بقدر ماهو تقييم لفلسفة تغييرية استطاعت في اقل من سنة أن تعطي فرصة أو فكرة أو تجربة للأحزاب الحاكمة لتغيير اجراءاتها والياتها وفقا للعمل المؤسساتي.. فالمشكلة الكبرى اليوم في الواقع السياسي هو استقلالية القرار.. وهذا لا يكون الا حينما تبني هذه الأحزاب نفسها على أساس مؤسساتي حقيقي تعتمد فيه على الولاء للوطن والكفاءة واعطاء الفرص للشباب مما سيقطع على القوى الخارجية التأثير الكبير في القرارات الوطنية.. وهذا بالضبط مافعله السيد عمار الحكيم وفريقه والعاملون معهم في التحالف على أقل تقدير في تشكيل المؤسسة السياسية.. فالمغنم هنا.. نعم المغنم في مأسسة الأحزاب لكي تتشكل الدولة وتنهض من جديد...بينما المغرم في العودة الى معادلة 2003 والتي هي اليوم تلفظ أنفاسها الأخيرة..