من المعلوم أن الانفتاح في العلاقات بين تركيا وإقليم كوردستان بعد 2003 وتطورها شيئا فشيئا بعد دخول الكورد كشركاء مع العراق في العملية السياسية وفتح قنصلية تركية وإنماء في العلاقات لاسيما من الجانب السياسي والاقتصادي ووصول حجم التبادل التجاري الى١٠مليار دولار، والزيارات، والتقارب المتبادل لكلا الطرفين وفتح صفحة جديدة قائمة على أساس تحقيق المصالح بالأخص بعد ترأس حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا ذو الأغلبية الحزبية.
حيث شهدت تركيا تغييرات جذرية داخليا وخارجيا ضمن إستراتيجية تصفير المشكلات وبالتحديد مع دول الجوار من المعلوم وجود الكورد في تركيا كمكون بنسبة20.4% حسب إحصائية عام 2011 إضافة الى التعاون الامني واللوجستي مع إقليم كوردستان.
لا يخفى على أحد مطالبة الكورد في شمال العراق بدولة أو حكم ذاتي حيث تعتبره تهديدا للأمن القومي الإقليمي
وتواجد الكورد في الأجزاء الأربعة في العراق وسوريا وتركيا وإيران، والتي ببساطة ومن منظور هذه الدول جيوسياسي إن أنشئت الدولة الكوردية فسوف انها تؤدي الى إقتطاع جزء كبير من أراضيها ، تحاول تركيا بكافة السبل المحافظة على وحدة بلادها.
أما قضية الإستفتاء في إقليم كوردستان لم تقرر هكذا اعتباطا ،بل تمخضت من التجربة الفاشلة مع الحكومة العراقية لأكثرمن عقد وعدم الألتزام بالاتفاقيات وكثرة والخروقات القانونية.
جاء تحديد الموعد المزمع ٢٥من أيلول لإجراء الاستفتاء جاء عن قناعة بأنه لا يمكن الإستمرار مع العراق في ظل حكم طائفي فاشل،والذي صوت عليه الشعب الكوردي بأغلبية مؤيدة للإنفصال ومن منطلق حق الشعوب في تقرير مصيرها المنصوص عليه في الفصل الأول من ميثاق الأمم المتحدة وكذلك العهود الدولي للحقوق المدنية والسياسية،
وكانت التصريحات قبل وبعد الاستفتاء من قبل الدول الإقليمية هي المحافظة على وحدة العراق.
على تركيا أن تدرك بأن التصعيد لا يؤتي بثماره أبداً،سواءا بقطع العلاقات أو غلق الحدود والحصار الاقتصادي
،والأهم هو تصدير نفط الإقليم عبر تركيا وتأكيد الأخير على إحتمال قطع خط أنابيب النفط الذي ينقل الخام من شمال العراق إلى العالم بما يمثل ضغطا إضافيا على المنطقة شبه المستقلة بسبب الاستفتاء،وهو إحتمال ضعيف والخاسر الأكبر سيعود على إقتصاد تركيا، فهي دولة مؤسساتية وتحركاتها الجيوسياسية في المنطقة كانت موفقة بشكل عام ضمن الرؤية العقلانية لذلك من غير المعقول أن تتصرف وتتدخل وتخاطر بموقعها كلاعب إقليمي ودولي بمشاكل وأزمات لأستفتاء شرعي ومشروع.
وفيما يخص بالتصريحات التركية قبل الاستفتاء وبعد الاستفتاء وبالعقوبات التي من الممكن أن تفرضها والتهديدات الأمنية،والمناورات المشتركة التي أجرتها مع القوات العراقية على الحدود مع العراق جنوب شرق تركيا،لذلك من المستبعد قيام تركيا بشن حرب على الإقليم وإقحام نفسها بمشكلة طائلة فتركيا داخليا غير مستقرة ومن شأن ذلك أن يزيد من الإحتقان فتنعكس عليها سلبا.
نرى أن هنالك تغيرا في التصريحات من قبل تركيا في بدايتها إدعت بإغلاق صنبور النفط الكوردي في حال ألإصرار على الاستقلال، وذلك عبر إغلاق الموانئ البحرية أمام تصدير النفط من إقليم كردستان،ومن ثم صرحت بمعاقبة القيادة السياسية وليس الشعب الكوردي.
كوردستان ماضية بشأن الإستقلال ولن تؤثر التهديدات الإقليمية عليها لكسر إرادة الكورد وتثبيط عزيمتها،إضافة أن الإقليم يمتلك الإمكانيات والدعم الدولي من قبل الدول الكبرى وإن كانت بشكل شبه علني.
الشيء الأهم هو الاستمرار بالسياسية الحكيمة للسلطة الكوردية، وعنصر المفاجئة لدى الكورد لحد الآن لم يتم الكشف عنه ،فالتأني وعدم التهور وسبق الأحداث يَصْب في مصلحة الكورد وإن كانت تصريحات الولايات المتحدة بشأن الإستقلال غير واضحة، والازدواجية في خطاباتها ،لكنها في الأخير تكون مع من يُؤْمِن مصالحها وعلى إستقرار المنطقة بشكل أعم ،ومد أنبوب الغاز من قبل الإقليم الى روسيا تعتبر من المصالح الحيوية حيث أكدت شركة روسنفت الروسية انها تسعى لتنفيذ استثمارات في خطوط أنابيب الغاز.
آخِراً إن وافقت الدول ذات الهيمنة العالمية على إنشاء دولة كوردية وضمن المتغيرات والأحداث المستمرة في المنطقة حينها، لن يبقى للتهديدات الإقليمية أي تأثير يذكر