تدور في الأوساط المجتمعية ويتداولها الإعلام، شائعة حصول إنقلاب عسكري في العراق، وهذه الشائعة ليست غبية أو كاذبة ! بل هي معطيات حقيقية لما يجري على الأرض، من تحركات وبعد ورود أنباء إستقدام الفرقة الأمريكية القتالية المجوقلة 101 ، وتصريحات علنية من قبل القادة العسكريين والحكوميين في أمريكا رغم إنهيار الإقتصاد العالمي وإستفحال أزمة تفشي فيروس كوفيد -19 المستجد في جميع دول العالم، والشكوك تحوم بأن ماحصل حرباً بيولوجية غير معلنة لتصفية الخصوم وإعادة التوازن الإقتصادي، وتغيير ديموغرافي محتمل.
مازال هناك متسعٌ من الوقت للإنتخابات الرئاسية الأمريكية؛ وفترة الثمانِ أشهر كفيلة بتغيير المعادلة وإعداد العدة لإتفاقات جديدة بينهم وبين القوى السياسية في العراق .
نركز هنا على الأسباب الحقيقية للإنسحابات المفاجئة، للقوات الأمريكية من قواعدها المنتشرة في العراق وعددها قرابة الـ 14 قاعدة، ونستبعد بأن الولايات المتحدة أذعنت للقرار البرلماني العراقي بإخراج القوات الأجنبية من الأراضي العراقية؛ بل مايحصل هو عملية إعادة إنتشار مريبة؛ وسيتم التمركز في ثلاث أماكن هي : قاعدة عين الأسد غرباً، قاعدة حرير شمالاً والسفارة الأمريكية في بغداد، ومايجعل الريبة تتزايد هو حث الرعايا الأمريكان المتواجدين في العراق للخروج منه بأسرع وقت؛ إذن السيناريو الأمريكي المقبل والذي ربما سيتم تنفيذه بعد رمضان أو خلاله لا يمكن الوثوق به؛ فهو واضح وضوح الشمس.
من يتمنى حصول إنقلاب في العراق ولماذا..؟
إن الطبقة السياسية الماسكة بالسلطة في العراق وخصوصاً الشيعية، تناثرت أوراقها ولم تعد تمسك بزمام الأمور؛ وأصبح المفتاح الآن بيد القوى السنية والكردية، وهنا لم تستطع الكتل الشيعية إستعادة تحالفها الوطني؛ لتوحد قرارها وتتماسك من أجل بقائها.
الطبقة السياسية الفاعلة، زرعت بذرة الريبة والشك بينها وبين محبيها ومريديها! وهي من سقت هذه البذرة، لتصبح الآن شجرة زقوم من الصعب إقتلاعها، وعليهم الآن أي الطبقة السياسية تذوق ثمار هذه الشجرة، ومحاولة إعادة التوازن السياسي وهذا لن يحصل للأسف؛ لقد فات الآوان.
لسان حال المواطن العراقي عموماً يقول: لا نريد من الآن إستمرار طبقة فاسدة لم تبني لهم مستشفى، ولم تحقق لهم حلم التغيير الذي قرعت طبوله الولايات المتحدة، فكيف يمكن للشعب العراقي الوثوق بأمريكا ومن والاها وتأييد حصول إنقلاب مزعوم قد يزيد الطين بلة؟
اليوم على جميع القوى السياسية الوطنية بجميع إنتماءاتها، إن أرادت البقاء بذل كل ما تستطيع من قوة لإقتلاع شجرة الزقوم التي زرعوها، وإعادة الثقة بينهم وبين الشعب العراقي، والإعتراف بفشلهم وطلب السماح منهم عسى ذلك ينفع؛ فلا يمكن الحديث عن إستقرار سياسي وأمني وإنتخابات مبكرة، والفجوة تتسع بين الكتل السياسية والأحزاب وبين جميع أبناء الشعب العراقي، الذي قرر التغيير بنفسه منذ أوكتوبر 2019
ان الازمة الراهنة لم تكن مقياساً أو معياراً لتقييم أداء الحكومة العتيدة، التي إستقالت وباتت حكومة تصريف أعمال لا تهش ولا تنش ! بل الأنظار تتجه الى قدرة السلطة التشريعية التي أصبحت مستشفى لولادة الأزمات والمؤامرات، وتغليب المصالح الفئوية على المصالح العليا، نقولها وبحرقة؛ نعم يوجد إنقلاب لكنه سيكون إنقلاباً سياسياً خطيراً؛ وسيقوده الشعب بشجاعته وإرادته الحقة للتغيير ولات حين مندم.