بدر اسماعيل شيروكي/ كان عام 2020 للإنسانية جمعاء عاما كارثيا، ولكن لكوردستان وفوق ما اصابها من حصة من الكارثة العامة، سجلت داخليا مستوى قياسيا من التصادم والتهاجر مابين الاطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية، والذي قل نظيره بعد كارثة السادس عشر من تشرين الاول من عام 2017.
فجميع التصادمات السياسية والاقتصادية والجيوبولوتيكية والستراتيجية الاقليمية، من الصراع على النفوذ وتصفية الحسابات، في تلك المنطقة بصورة عامة والعراق بصورة خاصة، لها تأثير كبير جدا، وصعب ومعقد على كوردستان، ووضعت قرار قسم من القوى السياسية في اقليمنا تحت عجلتها بشكل، بحيث لايتوازى ولا يلتقي مع مصالح واهداف وعملية ادارة الحكم الكوردي في هذا الاقليم.
وحيثما تكون رئاسة الحكومة جزءا من المكتسبات السياسية لحزب ما، من الطبيعي ان تتعرض لهجمات واطماع الاطراف السياسية الاخرى داخل السلطة في كوردستان، لذلك فإنه وفقا للعرف الديمقراطي، من المشروع ان تكون الحكومة ورئيس الوزراء جزءا نشيطا من الصراع السياسي والدفاع عن مكانتهما، والذي سيكون بالتالي دفاعا عن مكانة السلطة، ويصبح واجبا وجزءا لا يتجزأ من مكانة وحقوق ومكتسبات الحزب الديمقراطي الكوردستاني وتلك الجماهير التي اتاحت له السلطة عبر اصواتها وثقتها.
في ظل اوضاع سياسية واجتماعية مماثلة، حيث المنطق والمصالح المشتركة والتاريخ والايديولوجيات، وعوضا عن التسامح السياسي والمجتمعي، وبدلا عن المصالح والمصير المشترك، يذكون الفتنة وقطع جذور الحياة والشراكة في الدم والجنس، ويهددون بالفناء، يبرز دور شخصية باسم نيجيرفان بارزاني سواء كشخصية مؤثرة او كرئيس لإقليم كوردستان كواسطة العقد الذي ينقذ الوضع، ويصبح حديث الساعة بشكل اكبر.
تمر الذكرى الاولى لاداء اليمين القانونية من قبل نيجيرفان بارزاني رئيساً لاقليم كوردستان، وسط جميع تلك الاحداث الشاملة السياسية والاقتصادية والصحية العالمية والاقليمية، التي تضاف اليها ان كوردستان في عهد رئاسته تكابد للتعافي في ظل التهديدات وظل السيف المسلط للإفتراق الاجتماعي والاداري وحتى المناطقي.
في ظل اوضاع دراماتيكية مماثلة وفي الذكرى السنوية الاولى لتوليه المنصب، انه لحظ كبير ان يكون للكورد نيجيرفان بارزاني في منصب الرئاسة، ويدينون بشكر لميراث تاريخ بارزان وقدرهم. ولكن في الوقت الحالي يوجه اليه عتاب كبير، بانه لم يتعامل مع الاحداث الاخيرة في كوردستان بكامل حجمه وقدراته البراغماتية والكاريزمية، او ان ظهوره على مسرح السياسة والاعلام كان اقل بكثير مما ينبغي، لان:
نيجيرفان بارزاني صاحب تجربة عقدين من الزمان بحلوها ومرها، حكم اقليما نصف دستوري ونصفا امر واقع. وهو يحمل لقب مهندس الاعمار ومشروع جعل كوردستان نفطية وعنوانا لضمان وطمأنة التجار والاسماء والشركات الدولية وعنوانا لجذب رأس المال الاجنبي الى كوردستان. هو خلال هذه السنوات حوّل (شمالنا الحبيب) الذي كان خرابة مهمشة في العراق وارض طابو ومركزا للمخيمات القسرية، وجعل منها بلدا زاهرا وعراقا آخر.
هو ذلك الـ"نيجيرفان" الذي كان في اوان سلطته عرّف كوردستان بحقوق وحرية الجندر والتعايش الديني والقومي، وبنى المجتمع المدني والمنظمات الثقافية والفنية والمنظمات غير الحكومية (NGO) وأمّن لها الدعم المالي والقانوني. وبنى ستراتيجية الانفتاح الثقافي والدبلوماسي الكوردستاني على بلدان العالم واسس لفتح عشرات الجامعات والمراكز العلمية العالمية في هذا الاقليم.
نيجيرفان هو ذلك الشخص الذي وضع برنامجا غنيا وقيما في ادارة واجتياز السنوات الصعبة والسوداء وحروب داعش وحصار العراق الاقتصادي والازمة والتحالف الاقليمي ضد الاقليم بعد مؤامرة السادس عشر من تشرين الاول 2017.
هو الشخص الذي له في وقت واحد مع الاسلاميين (سلام عليكم) حارة، و(نهار سعيد) جميل مع القوميين وله مع اليساريين (كيف حالك) رفاقية، ومصافحة حميمية مع المعارضة مع ابتسامة على شاشة التلفاز تبعث الكثير من الامل في قلب المجتمع، فلماذا لا يستعمل كل تلك القدرات والقوة الادارية والدبلوماسية والاقتصادية المحلية والعالمية من اجل حل الاوضاع الاقتصادية واعادة الصاق النسيج المتباعد للاجنحة والاطراف السياسية في كوردستان، الا قليلا من الجانب الاجتماعي. قد لا اكون لوحدي في هذا، ان اقول في الذكرى السنوية الاولى لتسنمكم منصب الرئاسة شاكرين لوجودكم، ونأمل منكم الأفضل.
ترجمة: ماجد سوره ميري