2017-12-07 13:30:00

لقد زاد عجب الإنسان أينما كان , عجباً , لمسيرة مجرى التاريخ وإيماناً به , بأسوء إيمان نابع عن أسوء أعتبار للتاريخ بوجود نظام غير أخلاقي , يدير دفة أمور مجرى البشرية . السائد في حماية الإنسان وحريته هو القانون , والسائد في حماية الدول وسيادتها هو القانون الدولي , التي وضعت بأيادي امينة من خلال مؤسساتها الراسخة .لكن رجال السياسة الذين انتخبوا لحماية " الرأسمال " بطرق مصالح فئوية وبغلاف الديمقراطية , ارادوا ان ينقلوا افكارهم ومصالحهم عبر العولمة , لبيع أدوات وآليات الحروب , وذلك بأيجاد مناطق لخلق الفوضى والنفاق السياسي لتمزيق نسيج مجتمع ما , ولأثارة الحروب الداخلية , مما يمكن بيع ادوات الحروب " الاسلحة " حتى تمتد الى مساحات أخرى من الدول واسقاط سيادات من خلال تنظير فكرة الارهاب وخبط الحابل بالنابل . فكرة الارهاب هي انقلاب على القانون الحقيقي والدولي , مما يسمح للمجرمين الحقيقيين بالتحرك والتنقل لتطبيق مصالحهم الذاتية , وتغيير مجرى التاريخ بتشويه القيم الإنسانية , كما نشاهد اليوم بأنتصار الارهاب والسيطرة على ممتلكات الدول وقتل مواطنيها وتدمير حضاراتها .

أزمة الشرق الاوسط وحروبها الداخلية الطائفية أخذت أبعادا دولية من خلال الاتفاقيات العسكرية المبرمة بين دول الشرق الاوسط ودول الكبرى . إنه على غرار الحرب الباردة التي نشبت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، تستعر حاليًا حرب باردة أخرى في منطقة مثقلة بالاضطرابات. وتأخذ تلك الحرب الطائفية بعدًا جيوسياسيًّا بين السعودية السنية وحلفائها وإيران الشيعية وحلفائها في محاولة من كلا الطرفين السيطرة على المنطقة.

إلا أن ميادين هذه الحرب تختلف عن سابقتها، على الأقل إلى حد الآن . فهي لم تشتمل على مواجهة عسكرية مباشرة بعد، بل اتخذت شكل معارك دبلوماسية وأيديولوجية واقتصادية وعبر حروب الوكالة، كتلك التي تستعر في سوريا واليمن.
بعد أن أبرمت الاتفاق حول برنامجها النووي مع القوى الغربية، ورفع العقوبات عنها، يبدو أن اليد الطولى باتت لإيران الآن، مما جعل السعودية تشعر بالخيانة من حليفتها الكبرى بسبب ذلك. وقد أصبح الاقتصاد الإيراني الآن مؤهلاً للانطلاق. وبمباركة أمريكية، تتحكم إيران في سياسة العراق.

تتفوق إيران على السعودية في التعداد السكاني وعدد أفراد الجيش، وقد استطاعت إيران أن تطيل من عمر نظام حليفها بشار الأسد بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط. وفي مواجهة ذلك، دعم وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، المتمردين المناوئين للرئيس السوري ودعم الارهاب الدولي وخاصة منظمة داعش الارهابية بدخولها الاراضي السورية والعراقي , لذلك أصابع الاتهام الدولي متوجهة نحو السعودية بتبنيها الافكار المتشددة والمتطرفة الوهابية . إلى أن السعودية تشعر بقلق بالغ من انتقال الفوضى العارمة التي تضرب العراق . كما تشير أصابع الاتهام نحو السعودية فيما يخص انتشار الإرهاب، وذلك بسبب النسخة الوهابية المتشددة التي ترعاها من الإسلام. كما تتعرض لانتقادات واسعة بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة .

إن بن سلمان شن حربًا ضد حلفاء إيران في اليمن، ما سبب أزمة إنسانية كبيرة. وقد دشن هجمة اقتصادية ضد إيران، استخدم فيها النفط كسلاح عوضًا عن مصدر رخاء للسعوديين، فكان ذلك أحد الأسباب التي أدت إلى انهيار أسعار النفط , واخراج النفط بكميات كبيرة وطرحه في الاسواق الدولية مما أدى الى انخفاض اسعار النفط وذلك من أجل محاربة أيران أقتصادياً من خلال رؤوية 2030 للمملكة العربية السعودية .
ولا يمكن التكهن بنتيجة هذه الحرب الطائفية ولا يمكن الوصول الى تسوية , لأن الامور أخذت بالتصاعد بين الدول الكبرى المعنية في هذه الازمة , وبأبعاد المصالح الروسية الامريكية في سوريا خاصة وبمنطقة الشرق الاوسط عموماً .

دخول الدول الكبرى على خط الآزمة في منطقة الشرق الاوسط مما أدت هذه الدول الى استيعاب مصالحها واطماعها ونفوذها في هذه الدول الغنية بالنفط واملاء عقود الحماية لها من جهة ومن جهة أخرى بيع الاسلحة لهذه الدول لاستمرار الحروب الى أجل مسمى . في عام 2016 كانت مبيعات الولايات المتحدة الامريكية حوالي 77 مليار دولار , اما روسيا فمبيعاتها تقريبا 33 مليار دولار اما ايران التي تستورد الاسلحة مقابل عقود النفط مع كوريا الشمالية وتصدرها الى الدول المجاورة بالسوق السوداء كانت مبيعاتها حوالي 11 مليار دولار , وذلك سببا الى استمرار الفتنة واشعالها في المنطقة , لآن الحرب بين السعودية وايران " بالوكالة " , اما اذا كانت الحرب بالمواجهة كان الحديث يختلف تماما . 

الحرب بين السعودية وايران ليست دينية ومذهبية , وانما حرب قوة النفوذ والمصالح في منطقة الشرق الاوسط واثبات وجود امبراطوريات عثمانية وفارسية والحفاظ على المملكة الوهابية من خلال العداء التاريخي .