شفق نيوز/ لم تضرب الهجمة الفيروسية العالمية الأخيرة الشركات والهيئات الحكومية في 100 دولة في العالم، فحسب، بل قرعت جرس إنذار من سيناريو كارثي قد يدفع العالم إلى "حرب نووية" من جراء فيروس حاسوبي.
وتعرض العالم لموجة ضخمة من الهجمات الإلكترونية المتزامنة، باستخدام برنامج خبيث من فئة "رانسوموير" عمل على احتجاز ملفات المستخدمين لإجبارهم على دفع فديات مالية مقابل إعادة فتحها.
وتثير هذه الموجة قلق خبراء أمن المعلومات، الذين لفتوا إلى أن القراصنة قد يكونوا استفادوا من ثغرة أمنية في أنظمة "ويندوز"، كشفت النقاب عنها وثائق سرية خاصة بوكالة الأمن القومي الأميركية تمت قرصنتها.
ويعني ذلك أن الولوج لمؤسسات حساسة والسطو على "أسلحة إلكترونية" قد يكون قريبا من متناول القراصنة، مما يمكنهم من شن هجمات أكثر شراسة وأوسع نطاقا.
وتوقع الباحث البريطاني الذي نسب إليه الفضل في إيقاف انتشار البرنامج الخبيث أن المهاجمين ما زال بإمكانهم تعديل تشفير البرنامج وإعادة الهجوم.
لكن هناك ما هو أسوأ، فبحسب موقع "سيليكون ريبابليك" المتخصص في التكنولوجيا، فإن الحرب العالمية القادمة، والتي غالبا ما ستكون نووية، قد تندلع بسبب "فيروس" إلكتروني.
ففي الوقت الذي تتعرض فيه المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية دائما لهجمات معلوماتية تستهدف البنية التحتية، فإنه من غير المعروف قدرة القوى النووية على منع أكبر الكوارث.
تضليل "اليد الميتة"
وبحسب ورقة بحثية نشرها ساندرو غايكين مدير مشروع "إس بي إس" للدفاع الإلكتروني التابع لحلف شمال الأطلسي فإن نقاط الضعف الموجودة في الأنظمة العسكرية قد تؤدي إلى حرب نووية كارثية.
ووضع غايكين تصورين لاحتمال وقوع هذه الكارثة، أولهما قائم على افتراض لجوء روسيا إلى نسخة محدثة على الحاسوب من نظام "اليد الميتة" الذي صنعه الاتحاد السوفييتي لإطلاق الصواريخ النووية بشكل ذاتي إذا تعرض البلد لهجوم نووي.
وفي هذه الحالة، يمكن تضليل نظام "اليد الميتة" من خلال فيروس بمعلومات خاطئة عن تعرض روسيا لهجوم نووي وهو ما سيستدعي الرد تلقائيا بإطلاق الصواريخ النووية في هجوم انتقامي مبني على معلومة مزيفة.
أما التصور الثاني بحسب غايكين، فإنه يعتمد على اختراق فيروس لنظام إطلاق أسلحة نووية، ليصبح قادرا على إطلاق الصواريخ.
عالم ما بعد "ستكسنت"
وما يجعل السيناريو الكارثي محتملا هو ما حدث بالفعل عام 2010، عندما قامت أجهزة الاستخبارات الأميركية، حسبما يعتقد، بهجوم إلكتروني على منشآت إيران النووية لتعطيلها، عبر فيروس "ستكسنت".
وبالنظر إلى ذلك، يرجح غايكين أن يكون الفيروس النووي القادم من صنع دولة لديها الإمكانيات الكافية على شن هجوم مماثل، وليس من صنع مجموعة قراصنة.
وإلى جانب الولايات المتحدة وروسيا، تنشط الصين وكوريا الشمالية في عمليات القرصنة، فيما يمثل حربا إلكترونية باردة، من أجل التجسس في المقام الأول، وتخريب بعض الأنظمة الحساسة.
وفي حالة ستكسنت، فإن الفيروس لم يقم بتعطيل منشآت تخصيب اليورانيوم بل امتد ليضرب مؤسسات وأنظمة شبيهة في مناطق أخرى من العالم، مما يعني صعوبة السيطرة على فيروس من هذا النوع وجعله محدد النطاق.
ووفقا لهذه الحقيقة، قال غايكين في ورقته إن "تداعيات هجوم إلكتروني على منشأة لإطلاق صواريخ نووية، ستكون رهيبة".
هل العالم مستعد؟
ومما يثير القلق حقا هو ما يعتقده غايكين بأن الدول، خاصة النووية منها، لم تعير انتباها يذكر لاحتمال حدوث نتائج كارثية لهجمات معلوماتية من هذا النوع، قائلا إن الحكومات غير قادرة على فهم تعقيدات هذه القضايا.
وعلى الرغم من التشاؤم الذي يبديه غايكين وخبراء كثيرون في الأمن الإلكتروني، فإن القيادة الجوية الاستراتيجية الأميركية المسؤولة عن الترسانة النووية، أعلنت في 28 أبريل بأنها "آمنة إلكترونيا".
لكن مع ذلك فإن طبيعة ومدى تطور الأنظمة الدفاعية الإلكترونية تختلف من دولة كبرى لأخرى، فيما يزيد التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية من إمكانية دخول الفيروسات على خط الصراع لتخرج الأمور عن السيطرة.