شفق نيوز/ في 24 كانون الثاني/يناير 2017، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تحرير الجانب الأيسر لمدينة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش" بشكل كامل، في معركة صعبة ومعقدة استمرت لنحو 11 شهرا.
وبعد عام من استعادة السيطرة على الجزء الشرقي من ثاني أكبر مدن العراق، لا تزال بعض الشواهد حاضرة لتذكر بحكم تنظيم داعش المتشدد للمدينة، والذي استمر نحو ثلاث سنوات.
لكن تغييرات جوهرية عدة طرأت على ساحل الموصل الأيسر، على الصعيدين الأمني والاقتصادي وعلى المستوى الاجتماعي على حد سواء.
لم يكن أحد يتخيل أن تتعافى المدينة بهذه السرعة، فالمراكز التجارية الضخمة والمولات انتشرت في الكثير من أحياء الجانب الشرقي "الأيسر" لمدينة الموصل، وباتت منطقة الزهور من أكثر المناطق اكتظاظا لاحتوائها على الكثير من المطاعم الراقية والمقاهي ومكاتب الأطباء.
وساهم الاستقرار الأمني في إنعاش المراكز التجارية واستمرارها بالعمل لساعات متأخرة من الليل، فيما تتجول النساء بحرية جنبا إلى جنب مع شبان يرتدون ملابس الجينز الضيقة، في مشهد غاب عن المدينة إبان سيطرة تنظيم داعش عليها.
وفي محال بيع الملابس، التي تغلب عليها البضائع المستوردة، تصدح موسيقى البوب من مكبرات الصوت، وتعمل الفتيات إلى جانب زملائهن الذكور، فيما تنتشر موديلات العرض في واجهات المحال وهي تحتوي على أزياء نسائية وتنانير قصيرة وملابس داخلية.
ويقول علي عبد، "31 سنة" ويمتلك محلا لبيع الملابس النسائية، إن "جميع المراكز التجارية فتحت أبوابها بجهود ذاتية وصرفت مبالغ ضخمة، وإن أحدا لم يقم بتعويضها أو دعمها نتيجة الأضرار التي لحقت بممتلكاتها أثناء معارك تحرير المدينة".
ويقول مراسل راديو سوا في الموصل إن الكثير من المراكز التجارية والأسواق الشعبية ومراكز بيع الخضار الرئيسية اضطرت إلى الانتقال إلى الجانب الأيسر بعد أن كانت تنتشر في الجزء الأيمن من المدينة.
ويعود السبب في ذلك إلى الدمار الهائل الذي لحق بمعظم أحياء الجزء الغربي من الموصل وعلى الأخص المدينة القديمة.
ورافق النشاط التجاري الذي يشهده الساحل الأيسر، انتشارا ملحوظا لمحال بيع المشروبات الكحولية التي تركزت في منطقتي الفيصيلية وحي الجزائر الشعبيتين، فيما فتح مركز للمساج في منطقة النبي يونس للمرة الأولى في تاريخ المدينة.
ويقول في الموصل إن "المركز تعرض للتهديد أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، واضطرت بعض العاملات فيه إلى ترك العمل، إلا أنه لا يزال يفتح أبوابه للزبائن من الصباح وحتى المساء".
على امتداد كيلومترين يربط ما كان يعرف بشارع "الخلافة" سابقا، والذي تحول اسمه إلى شارع "عبد الغني الاسدي"، حي الصناعة وتقاطع الجسر الرابع في حي الوحدة في ساحل الموصل الأيسر.
ويذكر هذا الشارع بالاعتداءات الكثيرة التي ارتكبها تنظيم داعش بحق الآثار في المدينة، حيث كان التنظيم قد أقدم على هدم "سور نينوى" القديم وإنشاء شارع "الخلافة" فوقه.
ويعد الفريق الركن عبد الغني الأسدي الذي يشغل منصب قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب أحد أبرز القادة العسكريين الذين ساهموا في عمليات تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش.
تأثرت معظم مباني جامعة الموصل العريقة، التي تأسست عام 1959، بالحرب ضد تنظيم داعش وبلغت نسبة الدمار في عدد من كلياتها نسبة 90%، حيث شهدت معارك شرسة بين القوات العراقية وعناصر التنظيم.
وبالرغم من أن الجامعة فتحت أبوابها في خريف العام الماضي، إلا أن عددا من مبانيها لا يزال مدمرا ولم تبدأ عمليات إعادة إعماره بعد.
ويقول محافظ نينوى نوفل العاقوب إن "معظم مباني كليات الجامعة عادت إلى العمل باستثناء مبنى رئاسة الجامعة الذي لايزال مدمرا بشكل شبه كامل".
ويضيف العاقوب أن "إعادة جامعة الموصل إلى سابق عهدها تحتاج إلى أموال طائلة لا يمكن توفيرها إلا عبر الدول المانحة".
في السابق كانت مدينة الموصل تشتهر بكثرة الجسور التي تربط جانبيها على نهر دجلة، لكن الحرب مع تنظيم داعش تسببت في تدميرها جميعا.
وبعد عام على تحرير الجزء الشرقي من الموصل تمكنت السلطات من فتح جسر واحد فقط هو الجسر الرابع، فيما استعانت بجسور مؤقتة عائمة لإعادة ربط جانبي المدينة.
ويقول العاقوب إن "السلطات المحلية اتفقت مع شركات متخصصة لإعادة إعمار هذه الجسور ومن ضمنها الجسر القديم المقرر أن يعاد افتتاحه منتصف الشهر المقبل".
ويشير العاقوب إلى أن "نقص الأموال أخر كثيرا من عمليات إعادة إعمار المدينة التي تقدر كلفتها بـ 42 مليار دولار".
وبالمقابل يؤكد العاقوب أن هناك عدة مؤسسات حكومية "من المستحيل إعادة إعمارها من جديد، لأنها تدمرت بشكل كامل في المعارك، من بينها مستشفى السلام وقاعة ابن الأثير ومديرية الزراعة ومبنى قائمقامية الموصل ومديرية الاتصالات".
hura-sawa