شفق نيوز/ يعامل صحافيو تنظيم "داعش" معاملة الأمراء باعتبارهم "كوادر الحرب الإعلامية" و"الجنود المجهولين" الذين يسهرون للترويج لنشاطات التنظيم اليومية ولتلميع صفحته لاستقطاب مقاتلين جدد.
ليس من باب الصدفة، إيلاء الإهتمام بـ"الجبهة الإعلامية" التي يديرها تنظيم "داعش"، فهو التنظيم الوحيد تقريبا الذي نقل الحرب إلى الفضاء الإفتراضي بموازاة الحرب التي حمي وطيسها بين مقاتليه وقوات التحالف في سوريا والعراق، وهذا ما جعله يخلق لنفسه وزنا على الساحة بشكل جعل تنظيم القاعدة يبدو أمامه هزيلا وضعيفا، كما يعتقد بعض خبراء الإرهاب.
فالتنظيم تأقلم بشكل كبير مع تطور وسائل التواصل والتكنولوجيا، لهذا فهو يعتبر الصحافيين كوادر مهمة، بل الركن الأساس لحسن سير الأعمال والترويج لنشاطات التنظيم اليومية كافة، وفق ما جاء في تقرير أعده صحفي يعمل في منظمة "مراسلون بلا حدود" ونشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني.
ووفقا للتقرير ولهذه الأسباب وغيرها عامل "داعش" الصحافيين المنضوين تحت رايته، معاملة الأمراء لضمان بقائهم من جهة وولائهم اللامتناهي من جهة أخرى.
في البدء، جاء في التقرير أن التنظيم يتبع آلية خاصة للترويج عن نفسه يوميا على شبكات التواصل الاجتماعية، فالصحافيون يتكتلون في "ألوية إعلامية"، تجمع المصورين والمراسلين والكتاب والمخرجين وخبراء المونتاج، ولدى معظمهم خبرات سابقة، نقلا عن جمعية الدفاع عن حقوق الصحافيين.
امتيازات خاصة لـ"الجنود المجهولين"
ولعل الأهم أن التنظيم يقوم بتدريب الصحافيين أيضا على استعمال الأسلحة قبل التفرغ لعملهم الصحفي تحت راية التنظيم، ولكنهم لا يعدوا عناصر مقاتلة عادية، بل يتمتعون بامتيازات معنوية ومالية كثيرة لدرجة أن البعض منهم يتقاضون أجورا تبلغ 7 أضعاف الحد الأدنى للرواتب التي يوزعها داعش على مقاتليه.
وفضلا عن ذلك، يخصص لهم التنظيم سيارات للعمل وهواتف ذكية وتجهيزات معلوماتية حديثة تستجيب لآخر صرعات التكنولوجيا.
كما أن صحافيي "داعش" معفيون من دفع الضرائب، حتى أن التنظيم يضع في تصرف عائلات صحافييه الأكثر استحقاقا وتميزا، "فيلات" فخمة، كونهم في مقام كبار ضباط "داعش"، أو كما يقال عنهم "الأمراء"، نظرا لتمرسهم وخبراتهم العميقة في المجال الإعلامي.
وتنقل غالبية أشرطة الفيديو الحياة اليومية في المناطق الخاضعة لسيطرة "داعش"، إذ تظهر المتشددين وهم يديرون شؤون المدن، وينظمون حركة المرور، أو يتناولون العشاء في المطاعم.
فهناك قنوات تلفزيونية تابعة لتنظيم "داعش"، فضلا عن محطة إذاعية، وتتفرغ كلها لبث الفيديوهات المصورة. وهناك أيضا مجلة تصدر بلغات عدّة لاستقطاب الجمهور الغربي.
ويصف مركز الأبحاث البريطاني "كويليام" المتخصص في مكافحة التطرف، مركز القيادة الإعلامية لتنظيم داعش بـ"القاعدة الأساس" التي تبث ما لا يقل عن 15 ألف وثيقة سنويا، منها 800 فيديو، ونحو 20 مجلة، تصدر بـ 11 لغة.
في المقابل لا تشكل أفلام الفيديو التي تركز على الأجواء الإرهابية، سوى 2.13% من مجموع الأشرطة، وهي بمثابة رأس الحربة التي يعتمدها "داعش" لبث الرعب في نفوس الغربيين من جهة، وجذب العنصر الشبابي للالتحاق في صفوف التنظيم، من جهة أخرى.
جيش إعلامي حقيقي
فتنظيم داعش يطور أفكاره المرعبة والوحشية باستمرار، من جز رؤوس وإبادات جماعية وحرق في الأقفاص وخنق تحت الماء و"فسخ" الأجساد، فكأنها ضرب من نسج خيال مخرجي هوليود، لكنها في الواقع صور حقيقية تهز ضمير العالم أجمع وتزيد من سخطه تجاه هؤولاء "الوحوش الآدميين".
وفي حديث إلى صحيفة "واشنطن بوست"، وصف مصور فيديو نجح في الفرار وعمل سابقا لصالح التنظيم، بأنهم"جيش إعلامي حقيقي".
فالمصورون الفوتوغرافيون ومصورو الفيديو هم بمثابة العمال الذي يجمعون المعلومات على الأرض، وعند ذهابهم للقيام بالواجب لا يستلمون عادة سوى ورقة عليها ختم "داعش"، لا يذكر فيها سوى المكان الذي يتوجب عليهم الذهاب إليه قصد التصوير، وهم يجهلون ما سيصورون.
وللتأكد من ولائهم الأعمى وتنفيذهم الأوامر بحذافيرها وبلا عصيان، يردد على مسامعهم باستمرار عبارات التهديد مثل: تعلمون أنه يمكن أن تحلوا مكان المنكل بهم الذين تصورون مراحل عذابهم.
وعندما ينفذ المصورون مهماتهم، يستأثر المخرجون بمحتوى الكاميرات وبعد وضع اللمسات الأخيرة على فيلم الفيديو تحت إشراف قادة التنظيم وصياغة النص المرافق، يحدد تاريخ بثه ونشره.
وذكر التقرير أيضا أن صحافيي "داعش" هم أهداف مباشرة يبحث عنهم التحالف الدولي للقضاء عليهم، ولقد نجح في تصفية عدد منهم خلال غارات استهدفتهم مباشرة.