شفق نيوز/ التقى عراقيون فارون من الموصل المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق بأسرهم يوم الجمعة وتشابكت أيديهم عبر سياج من الأسلاك لمخيم للنازحين ورفعوا أطفالا حديثي الولادة لأقاربهم ليرونهم.
وانهار الكثير منهم باكين لدى رؤيتهم أحبائهم للمرة الأولى في أكثر من عامين.
وقال زياد عز الدين عند الحاجز في مخيم الخازر للنازحين إلى الشرق من المدينة "هذه عائلتي.. هؤلاء أهلي لا أستطيع أن أصف شعوري."
"لم أرهم منذ عامين ونصف العام. غادروا في بداية الأزمة لكنني بقيت في الموصل. كان هذا مصيرنا. الحياة كانت فظيعة تحت حكم داعش."
وغادر الآلاف الموصل منذ بدأت القوات النظامية العراقية والقوات الخاصة وقوات الحشد الشعبي الشيعية والبشمركة الأكراد ومجموعات أخرى تدعمها ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة حملتها لاستعادة السيطرة على المدينة قبل حوالي ثلاثة أسابيع.
وعلى المقيمين في المخيم البقاء فيه لحين استيفاء فحص أمني وفحوصات أخرى.
وفي الخارج تجمع أفراد عائلات - قال بعضهم إنهم غادروا الموصل قبيل سيطرة الدولة الإسلامية عليها في 2014 - وهم يتحرقون لرؤية ذويهم بعد السماح لهم بالدخول.
وقال أبو زاهد "أمي وأبي في الموصل بقيا هناك وأنا غادرت بدونهما. لم أرهما منذ عامين ونصف العام كيف لأحد أن يقبل ذلك... أريد فقط أن أراهما. هذا كل ما أريده في الحياة."
وتقول الأمم المتحدة إن 22 ألف شخص شردوا منذ بدء حملة استعادة الموصل مع استبعاد آلاف آخرين من قرى قريبة أجبرهم متشددو الدولة الإسلامية على مرافقتهم وهم يتراجعون نحو الموصل واستخدموهم كدروع بشرية.
يأتي هذا في وقت أكد قائد بالشرطة العراقية أن قوات الأمن التي تتقدم شمالا على نهر دجلة نحو الموصل وصلت لآخر بلدة كبيرة قبل المدينة الجمعة.
وقال اللواء ثامر الحسيني إن قوات الشرطة الاتحادية دخلت حمام العليل التي تبعد نحو 20 كيلومترا جنوبي الموصل معقل داعش التي تهاجمها قوات الجيش العراقي منذ أيام.
وأشار قرويون إلى إن مقاتلي داعش المتقهقرين شمالا إلى الموصل أجبروا الآلاف من السكان في القرى والمدن مثل حمام العليل على التوجه معهم سيرا كدروع بشرية لاتقاء الضربات الجوية.
وفي تقرير لها، قالت الأمم المتحدة إن المتشددين اصطحبوا 1600 مدني اختطفوهم من حمام العليل إلى تلعفر غربي الموصل يوم الثلاثاء وأخذوا 150 أسرة أخرى من تلعفر للموصل في اليوم التالي.
وأضافت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني إن داعش أمر السكان بتسليم الصبية الذين تزيد أعمارهم عن تسع سنوات في مسعى على ما يبدو لتجنيد جنود أطفال.
ودخلت قوات خاصة تتقدم من الشرق بالفعل إلى داخل الموصل فيما تغلق قوات البشمركة الجهة الشمالية الشرقية وتحاول قوات الحشد الشعبي عزل الجهة الغربية.
وعلى النسق نفسه قالت قوات من جهاز مكافحة الإرهاب العراقية إنها استعادت ستة أحياء في شرق الموصل من متشددي تنظيم الدولة الإسلامية مما يوسع الرقعة التي يسيطر عليها الجيش في معقل التنظيم بعد يوم من كلمة لزعيم الجماعة المتشددة حث فيها أتباعه على القتال حتى النهاية.
وقال ضابط بجهاز مكافحة الإرهاب - رأس الحربة في حملة الموصل - إن جنوده شنوا عملية واسعة على المتشددين الذين أصبحوا الآن شبه محاصرين في آخر معقل لهم في العراق.
وقال البيان إن "قطعات جهاز مكافحة الإرهاب تحرر أحياء الملايين والسماح والخضراء وكركوكلي والقدس والكرامة في الساحل الأيسر لمدينة الموصل وترفع العلم العراقي فوق المباني بعد تكبيد العدو خسائر بالأرواح والمعدات."
وقال الفريق الركن طالب شغاتي قائد الجهاز "هذا شيء كبير جدا. إنه يعني أنه تم تحرير أجزاء واسعة من الساحل الأيسر" في إشارة إلى نصف الموصل الواقع شرقي نهر دجلة.
لكن أحد سكان حي في الموصل أعلن الجيش استعادته أبلغ رويترز أن الاشتباكات مستمرة.
وأضاف قائلا بالهاتف "إنها حرب مدن حقيقية. لم ينم أولادي منذ يومين ... الرصاص والقذائف تأتي من كل مكان."
وفي حي الانتصار الذي لا يزال يشهد قتالا شرسا بين الجيش والمتشددين سمع مراسل لرويترز إطلاق نار كثيفا وانفجارات. وتصاعد دخان أسود من منطقة قريبة وظهرت على الأبنية آثار القتال.
وما زالت رقعة الأراضي التي تسيطر عليها قوات الحكومة تشكل جزءا صغيرا من المدينة المترامية الأطراف إلى عشرات الأحياء الصناعية والسكنية وكان يسكنها نحو مليوني شخص قبل أن تسيطر عليها الدولة الإسلامية في 2014.
وحملة الموصل أكبر عملية برية في العراق منذ الغزو الأمريكي في 2003 ومن المرجح أن تقرر مصير الخلافة التي أعلنها التنظيم وتحدى بها العالم قبل نحو عامين.
وتمكنت القوات العراقية حتى الآن من التوغل لكيلومتر ونصف داخل المدينة. لكن الأحياء التي تم استعادتها أقل اكتظاظا بالمباني من مناطق اخرى وخصوصا تلك التي تقع على الضفة الغربية لنهر دجلة حيث يغلب العرب السنة على السكان ومن الممكن أن يكون وضع المتشددين أكثر رسوخا.
وقال ضباط عراقيون ومن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يوفر دعما جويا وبريا للعملية العسكرية إن التقدم يسير بخطى أسرع من المتوقع لكنهم أكدوا أن العملية ما زالت في مراحلها الأولى.
*القوات الخاصة
منذ نحو ثلاثة أسابيع تشن القوات النظامية والقوات الخاصة العراقية ومقاتلون شيعة ومقاتلو البيشمركة وقوات أخرى مدعومة بغارات جوية تقودها الولايات المتحدة حملة لاستعادة الموصل.
وستمثل استعادة الموصل - ثاني أكبر المدن العراقية - هزيمة ساحقة للجناح العراقي لدولة الخلافة التي أعلنها أبو بكر البغدادي زعيم الدولة الاسلامية من مسجد في الموصل قبل عامين. ويسيطر التنظيم أيضا على مساحات كبيرة من الأراضي في سوريا المجاورة. لكن الموصل هي أكبر مدينة خاضعة لسيطرة التنظيم في البلدين كليهما وهي أكبر عدة مرات من أي مدينة أخرى يسيطر عليها المتشددون.
وفي تسجيل صوتي نادر بث على الانترنت يوم الخميس قال البغدادي من مكان مجهول إنه لا تراجع في "حرب شاملة" على القوات المتحالفة ضد التنظيم وحث مقاتليه على أن يبقوا على ولائهم لقادتهم.
وما زال 1.5 مليون شخص يعيشون في الموصل عرضة لخطر حصارهم وسط حرب شوارع طاحنة. وحذرت الأمم المتحدة من أزمة إنسانية محتملة ونزوح عدد كبير من السكان. ويقول مسؤولون عراقيون أيضا إن الدولة الإسلامية تحتجز السكان المدنيين كدروع بشرية.
وجاء أغلب الوافدين الجدد من حي كوكجلي الذي استعاده الجيش في وقت سابق من الأسبوع والتي يقول ضباط إن مقاتلي التنظيم المنسحبين أمطروه بالنيران.
ولا تشمل هذه الأرقام الآلاف من قرى مجاورة أجبروا على العودة إلى الموصل مع مقاتلي التنظيم المنسحبين الذين استخدموهم كدروع بشرية.