شفق نيوز/ أثر رحيل جلال طالباني على الاتحاد الوطني كثيرا بحيث لا يستطيع الحزب رغم العديد من المحاولات ان يعقد اجتماعا لقيادته وان عقده فانه سينتهي دون نتائج ولا يمكنهم البت في أي أمر.
طالباني الذي تعرض للمرض أواخر عام 2012 وتوفي بعد خمسة أعوام من ذلك في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2017 كان أكثر شخص خبرة في إدارة حزبه، وبمجرد مغادرته الساحة تدهورت أوضاع الاتحاد الوطني بحيث أصبح من الصعب ان يقف على قدميه من جديد.
ولا يخفي سعدي احمد بيره المتحدث باسم الاتحاد الوطني ان مرض ثم رحيل طالباني تسبب بمشكلات كبيرة للحزب، اذ يصف حالة الحزب بـ"العائلة التي تفتقر الى الأب".
وقال بيره، "غياب طالباني تسبب بهذه المشكلات، فقد انشق نائب له عن الاتحاد (خرج برهم صالح عن الحزب وأسس التحالف من اجل الديمقراطية والعدالة) وهناك احتمال حدوث انشقاقات أخرى".
مشاكل الاتحاد الوطني
تتعدد مصادر أزمة الاتحاد الوطني التي ظهرت بسبب اختلاف توجهات مسؤوليه حول إدارة وسياسة الحزب وقد وصلت الخلافات إلى حد قرر فيه المجلس القيادي للحزب حل المكتب السياسي فيما يرفض أعضاء المكتب السياسي القرار.
مجلس قيادة الاتحاد الوطني الذي يعتبر كبرلمان للحزب عقد أكثر من اجتماع لاختيار هيئة جديدة لقيادة الاتحاد وتحديد يوم لعقد المؤتمر، ولكنه لم يتمكن من اختيار الهيئة او حسم يوم عقد المؤتمر.
ونظم الاتحاد الوطني منذ تأسيسه عام 1975 ثلاثة مؤتمرات وكان لابد ان يعقد مؤتمره الرابع عام 2014 الا ان المشكلات الداخلية للحزب منعت عقده فيما تم اقتراح شهر آذار المقبل لعقد المؤتمر ولكن من المستبعد عقده في ذلك الشهر أيضاً.
وقال فريد اسسرد العضو القيادي في الاتحاد ان "المشكلة الكبرى للاتحاد هي عقد مؤتمره الرابع، لو عقد المؤتمر في موعده لما وصلت المشكلات الى ما وصلت اليه الآن".
واستبعد اسسرد ان يعقد الاتحاد مؤتمره وهو في هذا الوضع قائلا: "حتى وان عقد الاتحاد مؤتمره فانه لن يحل أزمته اذ تعمقت الخلافات إلى حد أصبح من المستحيل التوصل إلى حل".
ميراث طالباني
ولم يتسبب مرض ورحيل طالباني بمشكلات للاتحاد الوطني فقط، وإنما هناك خلافات كبيرة على منصبه أيضاً.
الاتحاد الوطني هو احد الاحزاب المتنفذة في اقليم كوردستان، وبالتالي يملك رأس مال كبيرا، ولديه مناطق نفوذ خاصة به وعشرات الشركات التجارية والاستثمارية في اقليم كوردستان والعراق.
هذا فضلا عن احتفاظه بعشرات المناصب الحكومية في إقليم كوردستان والعراق، وكذلك داخل الحزب، ويمكن وصف كل ذلك بميراث طالباني.
وظهر أول خلاف على موقع طالباني بسبب منصب رئيس جمهورية العراق، حيث كان يشغله حتى مرضه، حيث شهد الاتحاد الوطني في عام 2014 خلافا حادا لحسم من يشغل المنصب.
وانتهى الخلاف وقتها لصالح فؤاد معصوم وذلك بدعم من أسرة طالباني، الا ان هذا الحسم اصبح بداية لانفجار المشكلات داخل الاتحاد الوطني انتهى بانشقاق برهم صالح حيث كان احد المرشحين لنيل المنصب ولكنه لم يتمكن من الحصول عليه.
اليوم هناك العشرات من المناصب الاخرى داخل الحزب يتنافس عليها أعضاء قيادة الاتحاد، وقد يتمكن عقد المؤتمر من حسم بعض تلك المناصب، ولكن من الملاحظ ان اسرة طالباني تتطلع الى تلك المناصب وتتنافس عليها بشدة.
ومن الواضح منذ الآن أن أسرة طالباني ستكون متنفذة في القيادة القادمة للاتحاد الوطني، وسيكون كل من قوباد طالباني وبافل طالباني (ابناء طالباني) وهيرو إبراهيم احمد (زوجة طالباني) وشاناز ابراهيم احمد (شقيقة زوجة طالباني) ولاهور جنكي وآراس جنكي (أبناء أخ طالباني) ولطيف رشيد ومحمد صابر وبيكرد طالباني وآلا طالباني (من أسرة طالباني) من ابزر الأسماء القادمة في الاتحاد الوطني.
المنصب الحساس
منصب الأمين العام للحزب الذي شغله مام جلال منذ بداية تأسيس الحزب هو أعلى منصب داخل الاتحاد الوطني، على الرغم من ان تعديل المنهج الداخلي للاتحاد والذي أعده المجلس المركزي للحزب والمقرر البت فيه خلال المؤتمر، ينص على عدم بقاء منصب الامين العام والمكتب السياسي.
وينص المنهاج الداخلي المعد على أن تقود الحزب ثلاث شخصيات بدلا من الامين العام، يمنحون صلاحيات الأمين العام، كما ينص على عدم بقاء مجلسي القيادة والمركزي وتشكيل المجلس العام للقيادة وهيئة الحكماء.
وقال لطيف نيروائي المتحدث باسم المجلس المركزي والمطلع على إعداد التعديل حول المنهاج المعد "ستخلف هيئة عليا مؤلفة من ثلاث شخصيات الأمين العام وسيتقاسمون صلاحيات الأمين العام، وسيشرف كل منهم على ثلاثة مراكز تتوزع بدورها على تسعة مراكز وأعمدة، ومع ذلك لن تبقى اللجان والمراكز وستشكل بدلا منهم قيادة المناطق، فيما سيعين القادة كمسؤولين عن بعض المناطق مثل المحافظ".
وينص المنهاج أيضاً على زيادة أعضاء قيادة الاتحاد الوطني إلى (121) شخصاً بدلا من (41) كما هي الآن. وستكون حصة كل محافظة من القيادة الجديدة حسب نسبة أصوات الاتحاد التي حصلت عليها في آخر انتخابات.
وعلى الرغم من ان المنهاج المعد ينص على عدم بقاء منصب الأمين العام، الا ان هناك صراعا شديدا عليه حتى قبل عقد المؤتمر، سواء من اجل إلغائه او من اجل الشخص الذي سيحصل عليه في حال بقاء المنصب.
فريد اسسرد وهو أحد اعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر قال "تشهد المناصب العليا في الاتحاد الوطني بما فيها منصب الامين العام جدلا كبيرا وسيزداد الجدل مستقبلا".
واضاف اسسرد: "لم يحسم امر الغاء او بقاء منصب الامين العام بعد، ولكن سيناقش الامر ومن المؤكد أن هناك شخصيات ستتنافس عليه في حال بقائه، وقد تشتد المنافسة".
على من سيحط الصقر؟
يملك قوباد وبافل ابنا جلال طالباني اكبر الفرص ليرثا والدهما داخل الاتحاد الوطني، الابن بافل ولد قبل عامين من تأسيس الاتحاد الوطني وعمره الآن (45) سنة، وهو الابن الأكبر لجلال طالباني الأمين العام الراحل، وكان غائبا عن المسرح السياسي في الاتحاد الوطني لأعوام عديدة ولاسيما قبل مرض والده، وانشغل بالدراسة في جامعة اوكسفورد البريطانية بعد انتفاضة عام 1991.
كان أول ظهور حقيقي لبافل حينما بذل جهودا لتشكيل جهاز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الوطني قبل بدء عملية تحرير العراق من قبل الولايات المتحدة وقد ازدادت فرص ظهوره بعد ابتعاد طالباني بسبب المرض.
ويشغل بافل الآن منصب مسؤول جهاز مكافحة الارهاب في الاتحاد الوطني ويستقبل يوميا الوفود التي تزور السليمانية للاجتماع مع الاتحاد الوطني كما تنشره صفحاته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
اما قوباد فهو الابن الثاني لطالباني وهو من مواليد 1977 وقضى معظم حياته خارج البلاد ولاسيما في بريطانيا وامريكا حيث كان يعيش في العاصمة البريطانية لندن عند جده ابراهيم احمد.
وكان قوباد يعمل مساعدا لبرهم صالح عندما كان ممثلا للاتحاد الوطني في الولايات المتحدة، وفي عام 2003 عاد الى اقليم كوردستان وبدأ العمل كمنسق للعلاقات بين الاتحاد الوطني والجيش الأميركي.
ثم عاد الى أميركا في عام 2004 وأصبح ممثلا للاتحاد الوطني في واشنطن، وفي عام 2006 اصبح ممثلا لحكومة إقليم كوردستان في أميركا بعد توحيد إدارتي أربيل والسليمانية.
ويشغل قوباد طالباني الآن أعلى منصب للاتحاد الوطني في حكومة الإقليم وهو منصب نائب رئيس الحكومة على الرغم من انه لا يتمتع بأي منصب حزبي داخل الاتحاد، إلا انه ظهر كشخصية سياسية مؤثرة داخل الحزب بعد مرض طالباني.
والسؤال الذي يطرح نفسه الان هو اي من ابني طالباني سيصبح الوريث الحقيقي لمام جلال وكل منهما يملك فرصة الحصول على المنصب؟
كلتا الشخصيتان تملكان نقاط قوة وضعف داخل الاتحاد الوطني، ولكن لا يعرف على كتف اي منهما سيحط الصقر.
قادر عزيز عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني قال ان "اي شخص يملك شروط الترشح لمنصب ما من حقه ترشيح نفسه لأي منصب داخل الاتحاد الوطني، عليه فان لابني طالباني الحق نفسه كباقي كوادر الاتحاد الوطني".
واضاف: "كل من قوباد طالباني وبافل طالباني لديهما فرصة أن يصبحا الشخص الأول في الاتحاد الوطني، ولكن الموضوع سيتم البت فيه خلال المؤتمر المقبل في حال انعقاده".
في خضم كل هذه الصراعات هناك شخص لا يمكن عدم اخذه بنظر الاعتبار وهو كوسرت رسول نائب الامين العام للاتحاد الوطني الذي يشغل الان موقع طالباني كما ينص عليه المنهاج الداخلي.
المرض داهم كوسرت رسول منذ مدة ولا يستبعد ان ينأى بنفسه قليلا عن الاتحاد الوطني بسبب ذلك، ولكن سيكون له دور كبير في حسم الصراعات داخل الاتحاد في المستقبل القريب.
وفي حال ابتعد كوسرت رسول عن السياسة فان ابنيه موجودان (شالاو ودرباز – الأول عضو قيادي في الاتحاد والآخر وزير الإعمار) لذلك قد يدعم الطرف الذي يمنحهما فرصا أكثر.
niqash