علي حسين فيلي / مجرد ارضاء مسؤولي هذا البلد وقادة احزابه السياسية لمتابعة شؤون الكورد الفيليين وتشجيعهم بشكل مستمر لاستعادة حقوقهم امر صعب جدا، لان مطالب هذه الشريحة وحتى اعتراف الحكومة والمحكمة الجنائية العليا والاعتراف الرسمي بالحقوق المادية والمعنوية لمئات الاف المهجرين منهم، يعد مجرد هواء في شبك وحملا زائدا.
من جانب آخر انه طالما بقيت المشكلات بين كوردستان وبغداد معلقة فان هذا الملف لن يغلق. وهو ايضا ما لا يجعل مصدر الانتظار ينضب وحالة عدم القرار الحكومي لا يسمح بعودة المشردين والنازحين.
وطبيعي ان التجريم والخداع من قبل الجهات الرسمية وغير الرسمية في هذا البلد ظاهرة ابدية لان الجماهير الفيلية لا تشعر بالمشكلة العامة ولا المشكلة الخاصة ويتم التلاعب بأفكارها وقناعاتها ومعايير مطالبها ومعتقداتها ويتم خداعها. وبمعنى اوضح فان الشعور بالجرم والذنب أصبح ذريعة لتذيقهم السلطة كل تلك المرارة وتمارس ضدهم كل ذلك الظلم.
وواضح ان السلطة تحترم الاطراف والجهات التي تخافها. كما هو موجود على الساحة السياسية لهذا البلد مع نفوذ القوى والسلطات وعصى المصالح مرفوع على المكونات المحرومة من الحقوق.
في وقت ما كان الفيليون أكبر الاقليات التي لا ظهير لها في هذا البلد، الى ان شاركهم في ذلك المسيحيون والصابئة والايزيديون والشبك والكاكائيون وحتى قسم من السنة ومثلهم من الشيعة كأخوة لهم في المغدورية والابادة المترسخة في جذور التاريخ منذ تشكيل العراق.
بالنسبة لنّا كم من الطرق والصيغ تم استخدامها من اجل خداعنا ويتجلى محورها الرئيس في مواصلة الاستراتيجية التي تتهم الفيليين بان كل ما جرى عليهم هو نتيجة لكونهم (تبعية)، من دون ان يقال وماذا قبل ذلك؟ وقد يقال ان المشكلة تكمن في تشتتهم، فماذا عن توحدهم وتكاتفهم؟ أليست ايدي الشوفينيين الثقيلة تصفع دوما على راس الانسان الكوردي!
الاستراتيجية تبين باننا لا نستطيع ان نغير القرارات والمواقف الثابتة للحكومات المتتالية! وهي تحاول في اوقات وعهود الاضطرابات ومشكلات الحياة التي لا تخلو منها هذه الحياة ابدا ان تتغنى الجهات والأشخاص الذين يعادون مطالب الكورد الفيليين. ومثال على ذلك فان ما يتم نشره في وسائل الاعلام بشأن الفيليين هو نابع من تلك الاستراتيجية المليئة بالمعلومات والارقام غير الحقيقية. ولا يمكن في اي وقت من الاوقات في ظل ذلك البرنامج وتلك السياسة المدبرة ايجاد توازن بين النقاط الايجابية لتاريخ حياة الفيليين والجزء السلبي لفكرة تشكيل العراق.
المجتمع الفيلي الذي تبقى بعد كارثة التسفيرات، وبأمل ايجاد طريق لاجتياز الوضع والنجاة منه وحتى بعد معاناة التهجير والتغييب كان مستعدا لتقبل كل الآراء والخضوع لجميع قرارات الحكومة والسلطة والقانون، ولكن من الواضح انه لا الحكومات كانت طبيعية ولا قراراتها وقوانينها نازلة من السماء. هكذا هو البرنامج الذي تم العمل به ولا يدع مجالا للجدال للحديث عن السيء او الحسن او المجرم او البريء! وبلا شك فان اسطورة الانسان الكوردي الفيلي ليست تلك الاسطورة التي يتم تكرار الحديث عنها، بل هي تلك الاسطورة التي يتم خلالها العمل على ضرب مطالبه عبر المراحل وتم ايجاد الشرعية السياسية والقانونية للجرائم التي تم ارتكابها بحقه.
وفي المرحلة الحالية ايضا يريدون ان يزرعوا ذلك الاحساس داخل كل فرد فيلي بانه ليس فقط هو بل حتى امته (قوميته) مدانة ولذلك جرى ما جرى عليهم وما سيجرونه عليهم! ويقولون ايضا انسوا ذلك الماضي الذي شهد الانفال ولا تفكروا بتاتا في المستقبل الذي سيكون مليئا بهزيمة كل القيم والمعتقدات الانسانية والسماوية.