سرو قادر
ان المآسي التي جرت على الكورد الفيليين والمكونات والأطياف الأخرى لشعبنا ويتم استذكارها سنويا إنما هي خلاصة للمجازر والتضحيات والظلم اللامتناهي. ولكن يأتي استذكارنا هذه المرة وكل التوقعات تشير الى ان هذا العام سيكون عاما حاسما يقوم فيه شعبنا باتخاذ قراره لتقرير مصيره.
ان الدولة التي ستولد يجب ان تحتوي جميع المكونات الساكنة في كوردستان، ومنها جميع الاطياف الملونة التي يتكون منها الشعب الكوردي. ومن المهم جدا ان نفكر في مقترح لحل مشكلة الكورد الفيليين. الدولة الكوردية المستقبلية ستكون دولة يعرف العالم باسره تعريفها والكورد يرددون دما انها ستكون دولة: حقوق جميع المكونات، حقوق جميع الاطياف، حقوق ودور جميع الالوان داخل الشعب الكوردي، وايضا دولة ضامنة لحقوق الانسان، دولة يجب ان تكون محافظة على التوازن في الشرق الاوسط، وهذا يعني انه يجب ان يكون هناك افضل حل لانهاء آلام الكورد الفيليين، حل يجب ان يتحقق.
ان التاريخ الذي نتحدث عنه مليء بالجراح والالام وغمط حقوق شعبنا، كل هذا التاريخ الذي نرويه هو نتاج تقسيم ظالم جدا، نتاج تأسيس العراق وسوريا وتفكك الامبراطورية العثمانية والحرب العالمية الاولى، نتاج حزين جدا عند شعبنا تراكم مع مظاهر كثيرة اخرى نتجت عن الظلم الذي تعرضنا له، واحد منها هو تشرذم كل هذا العدد الكبير من الكورد داخل العراق والذين يطلق عليهم اسم الكورد الفيليين الذين لا هوية لهم وليس هناك مع يعترف بحقوقهم وهم دائما ضحايا الظلم وواقعون تحت تأثيره، والثاني حالة انعدام الهوية التي يعانيها الكورد في غرب كوردستان في سوريا والذين مازالوا لحد الان لا يمنحون الجنسية . في السنوات المائة الماضية كان كل من لا جنسية له فهو ايضا لا حقوق له ولا يستطيع الدفاع عن حقوقه، لا يستطيع ان يقول اين انا وماذا اريد؟!. انا اعتقد بانه يجب ان يصبح هذا التقسيم والتوزع كجالية من اقصى العراق الى اقصاه، عدا اقليم كوردستان، ووقع عليهم التهجير والترحيل والطرد والغدر، وفي بعض الاحيان كانوا يستقرون، ومن ثم تم تهجيرهم الى ايران، اقول انه يجب اعادة النظر في هذه الهوية، فهذه ليست هوية الكورد ان يتم طرد الكوردي الفيلي من ارضه وان يصبح مهاجرا على اراضي العراق وايران واينما يوجد ظلم وعدوان تكون حصة الاسد من نصيبه منهما. لذلك علينا التفكير فيما انه بعد ينجح مشروع استقلال كوردستان وتاسيس الدولة الكوردية، علينا ان نفكر ماذا نقترح على حكومة كوردستان او الدولة الكوردية القادمة من اجل انهاء هذه المعاناة والالام؟ واذا ما عدنا الى تجارب الامم الاخرى التي كانت تعاني من المشكلات التي نعاني منها وكيف تمكنت من حلها؟. اذا نظرنا الى الظلم الذي وقع على اليهود ومن ثم تأسست دولة اسرائيل وكان لها برنامج محكم ومنظم لليهود الذي كانوا منتشرين في كل ارجاء العالم وخصوصا في الشرق الاوسط من اجل اعادتهم الى اسرائيل واسكانهم هناك. والانموذج الاخر هو الانموذج الجورجي فعندما اندلعت الحرب بين روسيا وجورجيا واشتد اوارها وبعدها انفصلت عنها جمهوريتان صغيراتان، طالبت جورجيا الجورجيين في اويستيا وابخازيا بالعودة الى اراضيهم . وبنت لهم مدنا جديدة وهي مدن جميلة جدا ووفرت لهم فرص العمل وكذلك وفرت لهم الاولوية في حرية الاندماج في بلادهم.
ان تقسيم كوردستان وخصوصا في الدول المحتلة الاربع بكل ما جرى على الكورد من الظلم اسفر عن نشوء ظواهر شاذة داخل مكونات شعبنا واذا ما تمت المقارنة بين الكورد الفيليين مع الكورد الايزيديين نرى بان داخل كل شريحة منهما خصوصيات دينية او مذهبية ، فداخل كلتا الشريحتان تبذل المساعي من اجل مغادرة كوردستان والتبرئ من شعبهم. من دون ان يكون هناك اي بديل اخر لهما من حيث المكتسب الذي سيحصل عليه كل منهما بهويته المذهبية والدينية داخل العراق والابتعاد عن شعبه. فاذا كان الكورد الفيليون قد تعرضوا للظلم والابادة الجماعية في عهد سلطة العرب السنة السابقة بسبب انتمائهم القومي والمذهبي، فننا نرى ان حال الكورد الفيليين في ظل حكومة العرب الشيعة الذين هم من المذهب نفسه، هو حال سيء جدا ايضا. وهذا يعني ان المشكلة مشكلة قومية لذا فان من واجب الشخصيات المثقفين ورجال الدين الفيليين ان يسعوا لتقوية الرغبة في العودة داخل نفوس الفيليين سواء في العراق او في ايران الى حد لا ينتظر الكورد الفيليون من دولتهم او حكومتهم الكوردية ان ترحب بعودتهم بل ان يقوموا هم بانفسهم بالترحيب بانفسهم في الدولة الكوردية وان يمارسوا الضغط على حكومتهم ودولتهم الكوردية لكي توفر لهم المكان وان تسكنهم فيه.
وفي داخل الكورد الايزيديين هناك حث على كونهم عراقيين تارة وغير كورد تارة اخرى، نتيجة الظلم الديني المستمر الواقع عليهم في مناطقهم ، واليوم يصبح هذا الموضوع من مشكلة صغيرة بالنسبة لهم الى مشكلة امنية لكوردستان.
يجب ان نعترف بما يحصل للكورد الفيليين بانه على عكس الكورد الايزيديين، فالايزيديون متعلقون وملتزمون بالارض، فالارض بالنسبة لهم مقدسة ولا يتركونها، ولكن الكورد الفيليين ونتييجة للعامل المذهبي بامكانهم العيش بكل سهولة خارج كوردستان.
ومن الممكن ان يكون لهذه المسألة تاريخها الخاص ولكن في النهاية انعكست عليهم بشكل كارثي، لذلك يجب تقوية وانماء الرغبة في العودة الى كوردستان والتعلق بترابها داخل الاوساط الكوردية الفيلية كي تصبح ظاهرة مترسخة؛ والا فان المآسي ستستمر.
يقال ان احد القادة العراقيين وقد يكون صدام قد قال انه لا يقبل من الكورد الفيليين ان تكون قلوبهم في النجف واموالهم في كوردستان، هذا ما قاله عدو للكورد وعدو للفيليين. ان مسألة ان تكون القلوب في النجف امر طبيعي جدا ويجب ان يكون كذلك ولكن الوجود الكوردي في النجف لا مكان له ، بل حتى في المدن الشيعية الاخرى ايضا لا مكان لهم فيها. حتى ولو قرأ الفيليون المراثي و ذرفوا الدموع الف عام آخر فلن يكون لهم مكان في اية بقعة من العراق، وسيستمر الظلم ضدهم في كل مكان، لذلك يجب ان يكون التثقيف والتوعية والتفكير الوطني والقومي الذي نمارسه يهدف الى ان يترك الكورد الفيليون اية بقعة من العراق ويعودوا الى كوردستان وفق برناج محكم وخصوصا بعد ان يقوم الكورد باتخاذ قرارهم بالاستقلال، ان عدم عودتهم الى بلدهم لن يؤدى فقط الى عدم الاعتراف بمشكلتهم فقط، فضلا عن محاولة معالجتها. ماذا تنتظرون من دولة لا تمنح نظرائها في المذهب الهوية او جنسية المواطنة، ولا تجعل منك شريكا لها ولا مواطنا في البلد.
ان تعامل حكومة الاقليم مع الكورد الفيليين فيه من التقاعس والنقص الشيء الكثير، فاذا تحدثنا عن المشاريع فان الحكومة لا تملك اي مشروع لاسكانهم ، انا اعتقد ان الامر ليس شيئا نتكلم عنه فقط بالعواطف والمشاعر والكلام المنمق، بل ان الامر يحتاج الى بحث معمق، على الحكومة ان تساعدهم ويجب على الفيليين ان يكونوا متعاونين فيها ويجب الاستفادة من تجارب الامم والدول الاخرى من اجل بلورة مقترح او مشروع لاسكان الكورد الفيليين في كوردستان. عندها تنتهي جميع الالام وهي لن تنتهي في مكان آخر بقرار حزبي او امتيازات نقابية على مستوى القضايا الفردية.
اتمنى ان نرى اليوم الذي يعود فيه الفيليون بكثافة الى كوردستان بعد اعلان الاستقلال.