ماهر رشيد الفيلي/ نستذكر بكل مرارة ... إقدام حكومة البعث الفاشي بتأريخ 30/5/1963 على إصدار قانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963 الجائر وأصبح نافذاً ممن تأريخ نشره في جريدة الوقائع العراقية العدد (818) في 19/6/1963 وكان بإقتراح وزير الداخلية وإقرار مجلس الوزراء ومصادقة المجلس الوطني لقيادة الثورة * ( وهم يتحملون المسؤولية جميعاً ) في ظل حكم نكبة 8 شباط الأسود في آنذاك بحسب الصلاحيات غير الدستورية التي منحتها قيادة الإنقلاب لذاتها بقوة الحديد والسلاح والنار والدم التي نصت عليها قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم (25) لسنة 1963 المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد (797) في 25/4/1963 بشأن تشريع القوانين والمصادقة على قرارات مجلس الوزراء .
لقد جاء تشريع هذا القانون الوحشي الظالم تنفيذاً لبيان الإنقلابيين العفلاقة رقم (13) السيئ الصيت المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد (771) في 18/2/1963 والذي يعبر عن أحقادهم الدفينة وتأمرهم المشبوه على قادة وحكومة ثورة 14 تموز / 1958 المجيدة ومكتسباتها الوطنية ويشكل هذا البيان المشؤوم نقطة البدء لشروعهم في حملات وجرائم الإبادة الجماعية وضد الإنسانية والخروقات الجسيمة والإنتهاكات الفظيعة والتصفيات الجسدية والمجازر الدموية لأبناء الشعب العراقي وإتباع سياسات التطهير العرقي والتمييز العنصري بحق كل من قاومهم وكان على رأس القائمة في التضحية والفداء ... هم أبناء المكون الفيلي نتيجةً لإستبسالهم البطولي وتصديهم الشجاع طيلة أسبوع كامل في مناطق { عقد الأكراد ، وساحة النهضة ، وباب الشيخ ، والكاظمية } ... إذ لم تتورع السلطة البعثية الغاشمة وعصاباتها الإرهابية والحرس اللاقومي عن إرتكاب كل الأفعال الإجرامية والمحرمات الشنيعة والإعدامات الجماعية الفورية وممارسة القوة والقسوة والعنف والإرهاب والإبادة والقتل والذبح على طريقة داعش قبل أن يولد ، وذهب الآلاف الشهداء والضحايا الأبرياء وزج بالكثير من المقاومين الأبطال في المعتقلات الرهيبة والنادي الأولمبي دون محاكمات قانونية وذاقوا فيها شتى وأقسى صنوف التعذيب والمعاملة المهينة ، وبالتالي كان تشريع قانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963 تجسيداً لأهدافهم وسياساتهم العنصرية المقيتة ومغلاتهم القاسية في الإنتقام والثأر من أبناء المكون الفيلي البواسل وبدايةً لإبادتهم وقلعهم من جذورهم العراقية وتهجيرهم ومصادرة أموالهم وعقاراتهم عبر حرماتهم من حقوق المواطنة والجنسية على نحو تعسفي غير إنساني والتشكيك في ولائهم الأصيل وهويتهم الوطنية التي تمتد إلى أعماق التأريخ والحضارة والتراث .
إن هذه الأفعال الإجرامية في إنقلاب 8 شباط ومرتكبيها قد أفلتت من العقاب والقانون والمحاسبة والمسؤولية الجنائية والمصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية في عراق ما بعد الطاغية والمكون الفيلي أول من تنفس الصعداء بعد سقوط الصنم ... إلا أنه لازالت مؤسسات الدولة تتعامل بذات العقلية الموروثة عن النظام المباد وحزبه المنحل وأجهزته القمعية على الرغم من إصدار المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها التأريخي في 29/11/2010 بإعتبار ما تعرض له المكون الفيلي جريمة إبادة جماعية بكل المقاييس والأعراف وفقاً لأحكام قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 المعدل وإتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 وإتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لعام 1968 .
واليوم فإن الدولة العراقية مطالبة بتنفيذ وعودها وتعهداتها في إزالة جميع الآثار السيئة التي لحقت بالمكون الفيلي الذي جزءً أساسياً أصيلاً من مكونات الشعب العراقي المنصوص عليها في ديباجة الدستور وبحسب ما جاء في قرار مجلس الوزراء رقم (426) لسنة 2010 وقرار مجلس النواب رقم (18) لسنة 2011 وقرار رئيس الجمهورية رقم (6) لسنة 2012 ، ولا بد أن تكون قضيته الوطنية العادلة من الأولويات الأساسية في ملف الإصلاحات الجذرية والتغييرات الشاملة والتوازن الوطني والعملية السياسية من أجل حسمه بصورة نهائية وعدم بقائه مجرد حبراً على ورق وجبراً للخواطر وذراً للرماد في العيون طيلة (13) سنة السابقة .