علي حسين فيلي/ العبور من الازمات المتتالية على مستوى العمل ليس سهلا، خصوصا بالنسبة لجهات تعاني من شح الموارد المالية اضافة الى كل المعاناة الاخرى وهذا يدق ناقوس الخطر، فمنذ بداية الازمة السياسية والمالية بين الاقليم وحكومة بغداد اثرت علينا مباشرة انعكاساتها السلبية، لان شفق ومنذ تأسيسها كانت مدعومة من جانب حكومة الاقليم عن طريق منحة كسائر المؤسسات الثقافية التي تمثل شرائح من المجتمع تملك خصوصية مثل التي تملكها شريحتنا.
من الممكن أن بعضاً من المؤسسات الاعلامية الحزبية لديها منافذ للاستمرار في عملها، لكن بالنسبة لمؤسسة شفق وكحال بقية المؤسسات الاهلية فليس هناك امل، بسبب عدم وجود موارد تمويل ذاتي او دعم خارجي او اعلانات وغيرها.
مؤسستنا ومنذ تأسيسها في 2004 لم تقدم لنا حكومة بغداد ولحد اليوم اي مساعدة بل على العكس استخدمت كل الاساليب الادارية لجباية انواع الضرائب منا وتحت شتى المسميات. لذا لم نكن نتوقع من الحكومة ان تأخذ خطوة او قرار لصالح هكذا مؤسسات وخلافا لما تدعي بدعم واسناد الاقليات والمكونات والمضطهدين.
لقد امضينا عقداً من الزمن بالعمل المتواصل ومع بدء العقد الثاني كنا نتمنى ان نتوسع ونتقدم اكثر مما قدمنا كأفتتاح قناة تلفزيونية اوغيرها من الطموحات العريضة، اما الآن فكل همنا ومحاولاتنا تتلخص بكيفية استمرار عمل موقع وكالة شفق نيوز، ومع كل المعاناة وكل الاسباب التي تبرر انتهاء العمل، لكن بدليل قناعتنا وضغط المحبين والمتمسكين بقضيتنا ومن منطلق المسؤولية لم نغلقها على الرغم من كون اغلاقها سيؤدي الى خلاصنا من بقية الالتزامات المالية والادارية وغيرها. لاننا على يقين ان الفيليين اكثر من اي وقت بحاجة الى مؤسسة اعلامية تطرح قضيتهم يومياً وتواصل احيائها بأستمرار خصوصا في ظل غيابنا الواضح في جميع المجالات والاركان.
اليوم ومع استفاد كل محاولات انقاذ ما تبقى بسبب تواصل الازمات وبسبب عدم وصول اي معونة او مساعدة بالرغم من الجهود الحثيثة لعائلة شفق وبالرغم من العمل بصيغة الاقتراض لقرابة سنتين وحتى مع كثير من المجهود الطوعي لانرى ضوءاً داخل هذا النفق المظلم.
ان شرائح المجتمع من الاقليات التي تجاهد في سبيل البقاء على قيد الحياة بحاجة الى التواصل في ما بينهم ومع الآخرين وفي عصر تبادل المعلومات اي فعالية تواصل تمثل رأس المال والظهير المساند للوصول الى الاهداف وبالنتيجة الاكتفاء الذاتي.
كنا سابقا والى اليوم نؤمن بأن مجال عملنا الاعلامي يهيء ارضية مناسبة لأيصال قضية الفيليين الى الرأي العام وتوسعتها وفقدان هكذا مؤسسات يقلل فرص تواصلنا وتواجدنا سياسياً واجتماعياً وفي شتى المجالات.
هنا نتساءل: ماهي بدائل الفيليين لتوصيل متطلباتهم ومعاناتهم في ظل الاهمال الواضح والسكوت المستمر؟ ومن زاوية اخرى مستقبلاً لو لم يكن لديك تاريخ وثقافة وهوية مدونة كيف يمكنك قراءة تاريخك؟ وفي هذا العالم المتقلب يشعر الانسان ان المصير بين افراد المجتمع يتقارب يوما بعد آخر وكل شخص يشعر اكثر من ذي قبل انه بحاجة الى الآخر.
الابتعاد بين الفيليين ماذا يعني؟ نحن نخاطب جيلا ليس لديه مدرسة ولا ناديا ومثلما تقول المنظمات العالمية اصبحنا بلا وطن، ماذا يمكننا ان نقدم؟ وتبرز الان الحقيقة المرة بأننا غير قادرين ان نحتفظ بما بقي لدينا وكما يقال المستقبل ليس هبة للكل بل لاؤلئك الذين يقاومون ويجاهدون في عملهم، ولنتساءل أين هم مجاهدو الفيليين الآن؟ فالجميع وعلى حد علمي لهم الخبر اليقين بما عانيناه طيلة الفترة الماضية، فبالتالي لا حجة لاحد لالقاء الملامة وتقديم التبريرات.